الصراع الحقيقي: إسرائيل وإيران… من ينتزع مفاتيح الشرق الأوسط ؟.

بقلم: أوسان بن سده
لم يعد الصراع بين #إيران و #إسرائيل مجرّد معركة نفوذ، ولا مجرد نزاع حول توزان قوى و نوعية التسليح أو مشروع نووي. ما يدور الآن هو صراع أكثر عمقًا وجرأة: كل طرف يريد إنهاء الآخر تمامًا، لا تحجيمه فقط.
وراء التصريحات المتكررة عن “التهديد الإيراني” و“حق إسرائيل في الدفاع”، هناك قصة أكبر:
إيران تحاول إزاحة إسرائيل من موقعها الاستراتيجي لدى الغرب، وتقدّم نفسها كبديل أكثر فاعلية وأقل تكلفة، في منطقة متقلبة، تفيض بالفوضى والموارد والمصالح.
إيران لا تعادي إسرائيل فقط… بل تحاول وراثتها
منذ قيام إسرائيل، حافظت على موقع “الحليف المميز” للولايات المتحدة والغرب:
دولة وظيفية تؤمن الاستقرار، تقدم خدمات أمنية واستخباراتية، وتخوض المعارك القذرة بالنيابة عن الجميع.
لكن إيران، خصوصًا بعد سقوط #بغداد 2003، بدأت تسوّق نفسها كلاعب إقليمي قادر على تأمين نفس الوظائف… دون أن تكون عبئًا أخلاقيًا كالاحتلال الإسرائيلي.
بل وتزعم أنها تستطيع مخاطبة الشارع العربي السنّي عبر شعار “المقاومة” أكثر مما تستطيع تل أبيب فعله حتى بعد موجة التطبيع.
لماذا تشعر إسرائيل بالخطر الحقيقي الآن؟
ليس بسبب النووي فقط.
وليس بسبب دعم #حماس أو #حزب_الله أو #الحوثيين.
بل لأن إيران تحاول وراثة الدور التاريخي الذي لعبته إسرائيل: أن تكون المندوب الإقليمي لمصالح الغرب.
#تل_أبيب تدرك هذا جيدًا، ولهذا تخوض الآن معركة “إنهاء وجود”، لا مجرّد ردع:
سلسلة اغتيالات مركّزة لقيادات #الحرس_الثوري
ضربات جوية غير مسبوقة في عمق #طهران
محاولات مستمرة لإقناع #واشنطن أن بقاء النظام الإيراني يعني نهاية التفوق الإسرائيلي في المنطقة.
إيران أيضًا لا تخشى التصعيد
على الجانب الآخر، إيران تُراكم القوة وتراهن على الزمن.
تحفر تحت أقدام إسرائيل في #لبنان و #غزة وتحاول الرجوع #لسوريا وتزعزع أمن #الأردن وتتقارب مع #مصر.
تمدّ أذرعها في #البحر_الأحمر والعراق واليمن وتمتد في دول اسياء الوسطى.
وتبعث برسالة للغرب:
“لستم بحاجة لإسرائيل… نحن نؤمّن لكم كل شيء، فقط دعونا نبقى.”
في مشهد كهذا، كل ضربة لا تُضعف فقط الطرف الآخر، بل تُقوي رواية الطرف المقابل لدى صانع القرار في واشنطن.
التنافس على احتكار “الوظيفة الأمنية”
تل أبيب قدّمت نفسها لعقود كحامية للمصالح الغربية، كمنصة تجسس على الجميع، وكقوة رادعة لأي تهديد نووي أو جهادي.
لكن إيران دخلت هذا المجال من باب آخر:
“نحن من يضبط الإيقاع بالعراق، من يردع #داعش، من يتحكم بلبنان واليمن ونملك أدواتنا بسوريا وسنعيد الجنرال البرهان وحلفائنا لحكم #السودان ، ونحن من يُربك امن الخليج واقتصاده … نحن من نرسم خريطة الخطر في #الشرق_الأوسط
وهنا تتصادم الوظيفتان:
إسرائيل تريد دور المحتكر الأمني،
وإيران تريد أن تكون المُنَفِّذ الوحيد بـ”تكلفة أقل ودون إحراج أخلاقي”
الغرب… هل يشتري “العرض الإيراني”؟
ربما ليس بالكامل… لكن إسرائيل قلقة من مجرد التفكير الغربي بهذا الاحتمال.
كل تصدع في صورة تل أبيب بعد غزة، وكل تراجع في شرعيتها، يقابله تسويق إيراني ذكي يقوم على:
دعم “المستضعفين” (ولو نظريًا)
صناعة الجماعات الارهابية ألسنيه ودعمها ومن ثم خلق بطولات لمواجهتها.
تأمين المصالح دون حرج دبلوماسي
لذلك، تتحول إسرائيل من دولة ترد على الخطر، إلى دولة تحاول إقناع الغرب أن إيران خطر وجودي ويجب إسقاط نظامها.
ليس ردعًا… بل إسقاطًا.
العرب… وقود الصراع لا شركاؤه
اللافت أن كل هذا الاشتباك العنيف يتم على أرض العرب، وبدماء العرب.
إيران تتغلغل تحت ستار #المقاومة.
وإسرائيل تضرب بذريعة الأمن.
وكلاهما يريد أن يكون هو المتحدث باسم “الاستقرار” في المنطقة… أمام الغرب.
نحن لا نعيش مرحلة “صراع تقليدي”.
بل نقترب من لحظة كسر العظم:
إيران وإسرائيل لا تريدان التعايش، بل تسعيان لإقصاء أحدهما الآخر من معادلة الشرق الأوسط بالكامل.
وإذا اقتنع الغرب، في لحظة حرجة، أن النظام الإيراني أصبح عبئًا على مصالحه،
فقد تجد إسرائيل أخيرًا الفرصة لتمرير حلمها الكبير: إسقاطه، لا احتواؤه.