مقالات الرأي

روائح الزمان … الراتب قبل الحب أحيانا

بقلم: عوض ربيع

خرج قيس بن ذريح بعد أن يئس من استلام راتبه من أحد الصرّافات، عقب غيابٍ طال أمده أربعة أشهرٍ وعشراً.
فاضطرّ إلى بيع ناقته التي كان يعتاش منها. وانطلق بها إلى سوق الإبل، فاشتراها زوج لبنى وهو لا يعرفه.

فقال له الزوج:
– انطلق معي لأعطيك الثمن، وإن شئت حولتها لك حوالة.

فقال قيس مبتسماً:
خير البرّ عاجله، نقداً خير من حوالة، وصرافة تفتح الساعة التاسعة صباحاً قعرها لا تُخليها!

فمضى معه، حتى إذا وصلا فتح الرجل الباب، فإذا بـ لبنى تستقبل قيساً بدهشة وحنين!
لكنّ الأخير ولى هارباً، فصاحت به قائلة:
خلاص، تعال! بصرف لك المرتب حق أربعة شهور!

وخرج الرجل في إثره بسيارته، باحثاً عن قيس، ومن فرط غفلته صدم امرأة ورعبل أربع سيارات عند البريد!

لم يفكر الرجل في المرأة المرمية على الشارع، بل انطلق في سباق ماراثوني، وأنفاسه تكاد تتقطع، وهو يقول:
مسك عديك حق الناقة!

ثم سأله متلهفاً:
– أأنت قيس بن ذريح؟
قال: نعم.

فقال الرجل:
– تلك التي رأيتها هي لبنى، فقف حتى أخبرها، فإن اختارتك طلقتها، وإن لم تختارك أغلقت الموانئ الأربعة!

ظنّ الرجل أن له في قلبها موضعاً، وأنها لن تفعل، وستذعن لتوريد الإيرادات!

فدخل القرشي عليها وخيّرها، فاختارت قيساً.

وقبل أن يطلقها، سألها قائلاً:
– لماذا اخترتِ قيساً دوني؟

فقالت لبنى بحدة:
– لأنك حوّلت المرتبات من الباب الأول إلى الباب الرابع، وأصبحت مرتباتنا تحت رحمة المعونات!
انقلع من قدام وجهي!

 

Related Articles

Leave a Reply

Back to top button
en_USEnglish