مقالات الرأي

إحياء مقابر شهداء الإجرام الحوثي

بقلم: عبدالخالق عمران*

في الوقت الذي يتبادل فيه العالم التهاني والجوائز احتفاءً باليوم العالمي لحرية الصحافة سنوياً، نُحيي نحن الصحفيون اليمنيون هذا اليوم من بين الركام والقبور والزنازين، نُحييه لا احتفالاً بل صموداً في وجه آلة القمع الحوثية التي ذبحت الكلمة ودفنت الحقيقة تحت أنقاض الحرب.

 

منذ عشر سنوات، اجتاحت ميليشيات الحوثي الإرهابية العاصمة صنعاء، فذبحت حرية الكلمة وأطلقت جحيمها في وجه كل من تسول له نفسه أن يرفع صوته بالحقيقة.

 

نُحيي هذا اليوم من المقابر التي تحتضن شهدائنا الأبطال، ومن الزنازين التي تآكلت فيها أجساد زملائنا المختطفين، ومن المنافي التي شُرّدوا إليها قسراً، ومن المشافي التي تلعق الجراح التي خلفها التعذيب وسياط الجلادين.

 

نُحيي هذا اليوم من مخيمات النزوح التي هجروا إليها، ومن أسواق العمل الحرة التي طُرّدوا إليها بعد أن سُحِقوا من وظائفهم وحُرموا من حقوقهم، نُحيي هذا اليوم من ذاكرة المحاكم الصورية وأوامر وفتاوى القتل التي تلاحقنا لمجرد أننا تمسكنا بالكلمة والحقيقة.

نحييه من أرصفة البطالة والعزوبية والفقر والحاجة والعوز، ومن بحث لا ينتهي عن مصدر رزق كريم.

 

لقد دفعتُ وزملائي ثماني سنوات في زنازين ميليشيات الحوثي الإرهابية، وتعرضنا للتعذيب والحرمان والمعاملة القاسية وحُرمنا من أبنائنا الذين تشتتوا في مخيمات النزوح، وطالنا كغيرنا من الزملاء صنوف الانتهاكات التي أعدتها المليشيا الحوثية خصيصاً للصحفيين منذ وقت مبكر.

 

أي عالم هذا الذي يحتفل بحرية الصحافة بينما نحن نكافح من أجل التنفس؟ وأي عدالة تلك التي تكافئ القاتل وتخنق صوت الضحية؟ أي احتفال هذا والصحفيون في اليمن بين قتيل ومختطف ومخفي ومشرد ونازح وجريح، محرومون من أبسط حقوقهم؟

 

صنعاء، في ظل سيطرة الإرهابيين الحوثيين أصبحت اليوم سجنًا كبيرًا للصحفيين يخيم عليها شبح الموت والخوف والتهديد والرعب على كل لحظة.

 

في هذا اليوم، لا نطلب تضامنًا مبتذلاً، بل نُشعل نار الغضب، نُذكّر العالم أن حرية الصحافة في اليمن لم تعد مهددة، بل ذُبحت أمام أعين العالم، والسكين لا تزال في يد ميليشيات الحوثي تريد المزيد، وصمت العالم جريمة.

إننا نخوض معركة وجود ضد عصابة ترى في الكلمة الحرة تهديداً لمشروعها العنصري، ولن نتوقف أو نتراجع بل سيبقى صوتنا الصحفي أعلى من رصاصها وأبقى من سكاكينها وأقوى من زنازينها.

*المختطف المحرر من سجون مليشيا الحوثي.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button
en_USEnglish