مقالات الرأي

واحدية مصير حضرموت والجنوب

بقلم: هدى العطاس

على أثر نقلي لمنشور ينتقد سلوك المجلس الانتقالي. اتفقت مع ما جاء فيه. سألني البعض عن رأيي فيما تشهده حضرموت من حراك وتوتر سياسي؟
بداية نقدي لسلوك المجلس الانتقالي ولإدارته المتخبطة للمشهد السياسي سياق. وموقفي من دعوة الشيخ عمر بن حبريش سياق آخر.
عن نفسي اتبنى مشروع الدولة الجنوبية الفيدرالية.. المشروطة بتموضع حضرموت موقع الرأس في الجسد الجنوبي.
وقاعدة هذا الرأي واسبابه يطول شرحها. إنما هذا إيمان لدي.

وأرى فيه المشروع الضامن لحضرموت والجنوب تحقيق ذهابهما للمستقبل الآمن والدولة السيادية المستقرة.

أول شروط تحقيق الحكم الذاتي لحضرموت طرد المنطقة العسكرية الأولى

والواقع ان الوضع غامض. شديد التعقيد. متشابك الأطراف. لكن سأحاول التعريج على أمرين يجعلاني أواصل الجملة ويفتحان الجملة على فقرة طويلة أرجو تحمل قراءتها… هما:

■ الأمر الأول:
دعوة الشيخ عمر بن حبريش وجماعته ومطلبهم “حكم ذاتي لحضرموت” حق مشروع إذا وجدت إرادة حضرمية وطنية واشدد على “وطنية” جامعة صادقة. ومقياس صدقيتها فرض مؤشرات قوية على الأرض تعزز السيادة والحكم الذاتي. ويأتي على رأسها طرد المنطقة العسكرية الأولى. السيطرة على الموارد الدعوة إلى لقاء حضرمي حضرمي. لا يستثني أي طرف. ولقاء جامع حضرمي جنوبي…وتدابير جمة كشرط لـ”تحقيق الحكم الذاتي” إذا تحقفت بالتأكيد سيدان أي حضرمي حينها يمزق هذا السعي. وسيعد سلوكه قصدا. لتمزيق القرار الإرادوي الحضرمي.
إلى ذلك ونحن نراقب مشهد اللحظة الحالية ودعوة بن حبريش ومطلبه السياسي. فإننا كحضارم طالت بهم “لدغة الهوام وعض الحنش” طبيعي خوفنا من حركة حبل .. وعليه.. هناك جماعات حضرمية كثر خارج جماعة بن حبريش. يرد في تفكيرها حيال دعوته سؤال منطقي حول الضمانات. وما هي تدابير الوثوق بأن القرار لن يأخذ حضرموت إلى:
●أقليم يمني ضمن أقاليم دولة (كيان منخور لوحدة مقبورة) يراد بشكل معتسف أن يخاط لها جسد ولو شائه مريض.
ولن يخرج عن مصير (مجرد إقليم) خانع يحرص على بقاء حضرموت كما هي عليه الآن في وضع التابع الهزيل. وهذا ليس رجم بالغيب. بل طبيعة واقع خبرناه. وما تزال تجهد منظومة الشمال وعقله التسلطي بذل كل طاقتها وأدواتها لترسيخه وتعميقه. وبالمقابل كذلك نرى ادوات حضرمية سياسية تجهد هي الأخرى بالتزامن لإبقاء حضرموت ترزح تحت هذا النير! منهوبة الارض والمقدرات والهوية. مهيضة الحقوق ملحقة القرار والسيادة.
● أو أن نشهد لاحقا مسار آخر لقرار بن حبريش وجماعته. سوى أرادوا أو جروا اليه غصبا ذاعنين. يذهب بحضرموت إلى: تبعية أخرى. واحتلال مغلف في افضل أحواله بمسمى “تحت الإدارة…” كما بشر بذلك بعض اعلاميي الجوار. وحسب اعلان بن حبريش نفسه في كلمته عن الدعم اللامحدود لقراره من قبل الجوار اللصيق.
مما يثير لدى كل حضرمي يقظ سؤال. للحضارم حق المطالبة بإجابة عنه من قبل الشيخ بن حبريش وسواه: ما نوع هذا الدعم؟ وما اشتراطاته؟ وما هي المساحة السياسية التي يتحرك فيها؟….

وضع حضرموت ضمن إقليم يمني يحرض على استمرار مكانتها كالتابع الهزيل

■أما الأمر الآخر.. الذي لا تفيه فقرة مهما امتدت. يمثل في:
ضرورة قراءة، وتفكيك عناصر البهجة التي أبدتها بعض الواجهات السياسية المصدرة والإعلاميين والنشطاء في الاحزاب اليمنية الشمالية. وعلى رأسهم حزب التجمع اليمني للإصلاح…
وإدراك ماذا تعني هذه البهجة؟ وما الذي يخفيه تحريضهم وخوضهم سجال ومزايدات تذكي مواقد النيران بين حضرموت والجنوب”!
وماذا وراء أكمة تشجيعهم غير المعهود! الغريب في انقطاعه عن سلوكهم الشعاراتي المستقتل. وخطوطهم الحمراء. وعن اعتيادنا حجج وحث يكريس بقاء حضرموت ومقدراتها ملحقة بتصوراتهم الاستحواذية. وتدعيم حفاظهم على بنيان دولة “وحدتهم اليمنية” ولو بنيان هش ووحدة ميتة.
لافت ومكشوف فرحة تلك الشخصيات السياسية والحزبية البارزة. التي انبرت تصرح وتكتب وتكيل المديح للقرار وتدافع عن عمر بن حبريش وعن اعلانه الذي اسموه “إنفصال” حضرموت عن الجنوب!. مانحة القرار -اللفظة- بعدا وحيد هو: انفصال حضرموت عن الجنوب! هبة حضرموت ضد الجنوب! إعلان حضرموت إقليما يمنيا مستقلا عن الجنوب… وهكذا. ممعنون في رسم صور لصراع حضرمي × جنوبي. صور يريدون لها أن تتنمط في ذهن الجنوبيين والحضارم. ورسائل ترسل للاقليم والعالم.
وبالموازاة نشطت مواقعهم في بث أخبار مدلسة زائفة تحرف كلمة الشيخ عمر بن حبريش وتقوله مالم يقله في كلمته أثناء اللقاء. وبما يفسر أن “حضرموت إقليم ضمن اقاليم الدولة اليمنية الموحدة (المقوضة واقعا واصلا). وأن لم… فحضرموت دولة مستقلة إذا فرض انفصال الجنوب” …إفتراء لم نسمعه في منطوق بن حبريش!

المنظومة السياسية الشمالية بطيف مكوناتها لا يوجد لديها مشروع دولة فعلي

وللأسف بغباء فاق ما تحلم به هذه القوى الشمالية. وجهل وانعدام مسئولية تبنت مطابخ إعلام المجلس الإنتقالي ونشطائه ترويج هذا التدليس وتقديم -كعادتهم-خدمات مجانية توافق أهداف القوى الشمالية وتحقيق ما لا يخطر على بالهم وما لن يستطيعون تحقيقه دون سماجة المجلس الانتقالي ورعونة سلوك المنتمين اليه.
وعودة لموقف الشماليين من لقاء حضرموت، وشحذهم خطاب مؤجج مريب يجعلنا نبحث عن رأس الخيط الذي ينسج به هولاء موقفهم العجيب

حضرموت والجنوب في عربة واحدة يقطرَان بعضهما بالتاريخ الممتد والهوية المشتركة والمصير السياسي

والحقيقة أن لا رأس ولا أقدام لهذرهم! هو خيط مسموم لطالما خاطوا به نسيج ملوث لتناقضات الجنوبيين وصراعاتهم التي لا يجيدون إدارتها للأسف!.

إنما العبرة لمن أراد يفهم. أن سلوكهم هذا هو الشهادة الدامغة على أن المنظومة السياسية الشمالية بطيف مكوناتها لا يوجد لديها مشروع دولة فعلي كما تدعي. وإنها ليست سوى منظومة متخبطة. عالقة في المتناقضات. احترافية في شغر المساحات الرمادية. تجيد خلع اثوابها الملطخة على شماعة الآخرين. وترقيع الملهلهة وتسويقها. كتسويقهم مشروع قوض وانتهى مشروع “دولة يمنية موحدة/ مفدرلة”.
والحقيقة أن الطبقة السياسية اليمنية الشمالية بكل طيفها ومعظم شخصياتها ووجوهها. لم يتقشر بعد حكم الإمامة عن جلدها. ومازال ينضح من مساماته فكر “إمامي” فيدي تسلطي اعتادوه. واعتادوا إدارة علاقاتهم وتعقيداتهم داخله. إدارة مكنت لكبار قومهم سلطة ومصالح… ولا يبدو أن هناك نية حقيقية لمعظم عامتهم ولا لبعض خواصهم ونخبهم للتخلص والخلاص منه…

سأظل أكرر أن حضرموت والجنوب في عربة واحدة يقطرَان بعضهما. لا يتعلق الأمر بالتاريخ الممتد والهوية المشتركة فقط. إنما كذلك بالمصير السياسي الذي جمعهما وقطرهما في طريق واحد معا. احتلال أجنبي واحد. دولة جنوبية نَشِاأها وقاداها معا. ووحدة يمنية مشئومة نالهما غرمها سويا بذات الآلية والأدوات.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button
en_USEnglish