عن “الزواج الجماعي”

بقلم: بوخالد السيباني

الزواجَ الجماعيَّ فكرةٌ عبقريةٌ لخلق “عائلة واحدة متماسكة”، لكنه زواج “حلف قبائل حضرموت” الجماعي السبت جاء مشتتا ومشوها، كالعريسَ الذي أُغمي عليه قبل الوصول إلى العروس، تاركاً المدعوين يتناولون الكعك ويسخرون من فستان الفرح الذي تشقق على المنصة؟!

في مشهدٍ يُذكِّرنا بمسلسلات “الدراما”، اجتمعت قبائلُ الهضبة تحت شعاراتٍ كُتبت بحروفٍ ذهبيةٍ على ورقٍ مُقوَّى، بينما الخطاب نفسه كان هشاً كقشرة بيضة تُدوسها قدمٌ ثقيلة. افتُتح الحفلُ بخطاباتٍ حماسيةٍ عن “الحكم الذاتي” و”التاريخ العريق”، لكن الحاضرين كانوا يتبادلون نظراتٍ تقول: “متى سنغادر قبل أن ينفد الغداء والقات؟”.

الجميعُ لم يكن موجوداً: شيوخٌ تزيد ألقابُهم عن عدد أسنانهم، ووجهاءُ يحملون أسماءً كأنها مُستعارةٌ من روايةٍ تاريخيةٍ منقوصة، ووسيطُ القبيلة الذي يُشبه “مذيع الأفراح” لكنه يقرأ من ورقةٍ كُتبت بلغةٍ أشبه بخرائط الطقس. أما الجمهور، فاكتفى بالتصفيق حين يُطلب منه ذلك، تماماً كتلاميذ مدرسةٍ يُرددون نشيدَ الصباح دون فهمٍ لكلماته!

أما عن “الفعالية” نفسها، فكانت أشبه بمسرحيةٍ مدرسيةٍ نسي الممثلون نصَّها، فبدأوا يلتقطون جُملاً من هنا وهناك: “علينا التكاتف!”، “حضرموت فوق الجميع!”، “العدو واحد!”… لكن أحداً لم يُحدد من هو العدو؟ هل هو الفقر؟ أم التهميش؟ أم ربما “الواتساب” الذي فضح غيابهم عن واقع الناس؟!

اللافت أن “الزواج الجماعي” هذا لم يُدعَ إليه سوى العائلة نفسها، فالشبابُ كانوا مشغولين بإنشاء مجموعاتٍ على “تليجرام” يسخرون من الحدث، والمرأةُ في حضرموت هي الوحيدة التي لم تُدعَ أصلاً، والمثقفون تظاهروا بالمرض. أما الإعلام الرسمي، فاكتفى بتصوير “الكادر الجميل” الذي يُخفي خلفه كراسيَ فارغةً ووجوهاً باهتةً تُشبه وجوهَ المومياوات بعد ترميمها!

في الختام، لم يُنتج هذا “الزواج” سوى صورٍ للبروتوكول وبياناتٍ تُقرأ من اليمين إلى اليسار دون أن تعني شيئاً. وكأن القبائلَ أرادت أن تقول: “نحن هنا!”، بينما الناسُ تردُّ من خارج القاعة: “نحن نعلم… لكن أين ‘هنا’ بالضبط؟!”.

السؤال الذي بقي معلقاً: هل سينجح هذا “الزواج” في إنتاج طفلٍ اسمه “التغيير”، أم أن المهرجانَ سيُختتم بطلاقٍ صامتٍ بعد أن تنتهي صلاحية الكعك؟!