مقالات الرأي

السفير الأديب

بقلم: محمد احمد بالفخر

في النصف الثاني من ثمانينيات القرن الماضي وفي مدينة جده دُعيت للعشاء ذات ليلة لدى أحد الاخوة الاكارم من أبناء الحالمة تعز وكانت على شرف الأستاذ القدير عبد الولي الشميري والذي أتعرف عليه مشاهدة للمرة الأولى وإلاّ فهو أشهر من نارٍ على علم، حقيقة كان الحضور كبيراً امتلأ بهم سطح منزل المضيف، وقد كان الجميع يتلهفون وبشوق ليسمعوا الجديد عن أخبار البلاد والعباد من شخص قياديٍ مثله وخاصة أن تلك الأيام لم تكن فضائيات ولا وسائل تواصل أو اتصال كما هو في هذه الأيام،

وحقيقة طاف بنا الأستاذ في كافة أرجاء البلاد شمالها وجنوبها باستعراض شيق للأحداث حينها وتحليل رائع لكل المستجدات من شعار (يا رفيقة بالعمل شاركينا) مروراً بأحداث يناير المروّعة الى براعة القائد الرمز في إدارة البلاد،

وتابعت الدكتور بعد ذلك لمدة ألف ساعة من خلال كتابه (ألف ساعة حرب) الذي رصد ووثّق كل مجريات أحداث صيف 1994م،

أما اللقاء الثاني فكان عندما زرته برفقة د. طارق سنان أبو لحوم رحمه الله و د. حميد زياد في منزله بمأرب عندما كان محافظاً لها وحضرنا معه افتتاح فرع جمعيتهم الخيرية وقد كانت له كلمة في قاعة الاحتفال ضافية ومعبّرة حث فيها الشخصيات الاجتماعية ورجال المال على أهمية دعم العمل الخيري والتعاوني فكان لها أثراً كبيراً في تفاعل الحاضرين فكلٌ قدّم ما كان يحملُ من مال الى وسط القاعة في منظرٍ مهيب تتذكر من خلاله ما كُتِبَ عن الأجيال القديمة عندما كانوا يُدْعَونَ للتبرع لأعمال الخير،

فيما بعد تابعت بعض ما ينشر عن أخباره عندما أصبح سفيراً لليمن في مصر ومندوباً في الجامعة العربية من خلال الصحافة،

فقد كان نشاطه مميزاً ولم يقتصر على العمل الدبلوماسي فحسب بل كان نشاطه الأدبي وهو الأديب والشاعر والمثقف يأخذ الجزء الأكبر من وقته،

ولا غرابة أن تجده عضواً ومؤسساً لأكثر من عشرين مؤسسة ومنتدى وجمعيات ثقافية في الوطن العربي وخارجه، كرئاسته لمؤسسة الإبداع للثقافة والآداب والفنون باليمن، ومنتدى المثقف العربي بالقاهرة، ورئيس تحرير مجلة تواصل، وأستاذ محاضر ومشرف ومناقش أكاديمي في كليات الآداب والإعلام في عدد من الجامعات اليمنية والعربية،

وله زيارات أكاديمية ورحلات ثقافية لكثير من دول العالم،

وإن أجمل ما قدمه للتاريخ اليمني والمكتبة اليمنية تلك الموسوعة العظيمة (موسوعة أعلام اليمن ومُؤلفيه) والتي تقع في عشرين مجلداً، والتي جمع فيها تراجمَ وسِيَر خمسة عشر ألفاً من أعلام ومشاهير اليمن عبر الدهور والأزمان منذ ما قبل التاريخ، ومنذ ظهور الجد الأول (سبأ بن يشجب بن يعرُب بن قحطان) الجدّ الأعلى ومن تلاه من سلالته المنتسبين اليه، ثم المنتقلين إلى بلاد اليمن والمنتقلين منها الى الشعوب الأخرى عبر العصور حتى سنة 2017م.

وقد قال عنها في المقدمة:

هي نتاج عملي لمدة عشرين عاماً من حياتي، رافقتني خلال فترات عصيبة من ظروف عمري وأسفاري العلمية والثقافية والأدبية كالمؤتمرات العربية والدولية عديدة المشارب والمناهل والأضداد والأنداد، وأعمالي الحكومية، ومسؤولياتي الأسرية والعائلية، ووظائفي الاجتماعية، وفي ظروفٍ عَصِيَّة يصعب في مثلها انجاز عملٍ بهذا الحجم وكهذا المضمون بنجاح.

هذا المنجز العظيم سيبقى خالداً ومرجعاً لطلاب العلم والمؤرخين ولا غنى للكليات والجامعات من اقتنائه،

أيضاً يقدم لنا الدكتور بين الحين والآخر حلقات عبر منصة اليوتيوب عن أعلام اليمن المشاهير فيشاهدها المتابع ويستمع إليها أين ما كان في منزله او مكتبه أو سيارته، فيجعلك قريباً من أولئك النجوم الأعلام لتظل سيرتهم متقدة في الذاكرة،

كذلك للدكتور عدداً من الدواوين الشعرية والمؤلفات الأدبية والسياسية الأخرى،

والدكتور أبان فترة عمله الرسمي كان فاعلاً ومؤثراً ويكفي أن منتدى المثقف العربي الذي أقامه في تلك الفترة كان مقصدا للقامات العلمية والأدبية العربية مما جعل اليمن ومثقفيه حاضرين في أذهان الآخرين،

وإني لأستغرب بشدة كم من الحكومات مرّت في تاريخ اليمن القريب ويتم تعيين البعض في بعض المناصب والمهام الوطنية وهم حقيقة دون المستوى ولا يجيدون إدارة المهام الموكلة إليهم على الوجه المطلوب، ونرى كفاءات سياسية وإدارية كالدكتور عبد الولي وأمثاله خارج حسابات المحاصصة التي يتم من خلالها تعيين هذا أو إبعاد ذاك.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button
en_USEnglish