تقرير تحليلي: ازدواجية الخطاب السياسي وخطورة استخدام الشرعية المتآكلة ضد الجنوب

خاص – حضرموت نيوز
برهن الواقع السياسي والعسكري خلال العقد الماضي أن القوى الشمالية في الشرعية التي أخفقت في الحفاظ على العاصمة صنعاء، واستنزفت التحالف العربي لعشر سنوات دون تحقيق أهداف واضحة، لا تمتلك المصداقية ولا الحق السياسي أو الأخلاقي في المطالبة بتدخل عسكري جديد في المحافظات المحررة، لا سيما حين يُوجَّه هذا التدخل ضد الجنوب.
أولًا: مفهوم الشرعية بين الواقع والخطاب
إن الشرعية الحقيقية تُستمد من الوجود الفعلي على الأرض التي يمثلها قيادات المجلس الانتقالي الجنوبي، ومن القدرة على إدارة شؤون المواطنين وحمايتهم، لا من كيانات تقيم خارج البلاد وتفتقر إلى تفويض شعبي، ثم تستخدم خطاب التهديد بالقوة العسكرية، بما في ذلك تهديد المدنيين، كوسيلة لفرض واقع سياسي مرفوض.
ثانيًا: شعار “حماية المدنيين” بين الاستخدام والمضمون
لقد جرى توظيف شعار “حماية المدنيين” كغطاء سياسي وإعلامي للتضليل، بعد سنوات طويلة من الفشل الإداري والفساد المؤسسي. هذا الشعار، في سياقه الحالي، لا يعكس حرصًا حقيقيًا على أرواح المدنيين بقدر ما يُستخدم لتبرير مواقف سياسية متناقضة مع الواقع، وإلا كان الأجدر أن يتم تبنيه للتدخل في أكثر من مدينة أو قرية شمالية لحماية أهلها من التعرض للابادة من ميليشيا الحوثي كحجور مثلا.
ثالثًا: تجاهل الجهود الأمنية في الجنوب
بدلًا من دعم الجهود المبذولة لحماية الجنوب من التنظيمات الإرهابية، وقطع قوات المجلس الانتقالي الجنوبي خطوط التهريب التي تمد مليشيا الحوثي بالسلاح والموارد، يُلاحظ توجّه خطير يتمثل في تهديد الجنوب بالقصف واستخدام القوة، وهو ما يمثل انقلابًا على الأولويات الأمنية والوطنية، واعتداء صارخ، على مكون أساسي في الشرعية أثبت كفاءته في الحرب على الإرهاب.
رابعًا: حضرموت بين التضحيات والمساومات السياسية
إن تحويل قضية حضرموت إلى ورقة ضغط أو مساومة سياسية يُعد خيانة صريحة لتضحيات الشهداء، وإجحافًا بحق أبناء حضرموت الذين قدموا تضحيات جسيمة على مدى سنوات طويلة دفاعًا عن أرضهم وأمنهم واستقرارهم.
خامسًا: ازدواجية المعايير في خطاب التهدئة
إن التلويح باستخدام القوة في سياق يفترض أنه خطاب تهدئة يكشف عن ازدواجية واضحة في المعايير، ويؤكد أن هذا النهج لا ينصف أصحاب الحقوق، بل يوفر غطاءً سياسياً لحماية الفاسدين، ويُبقي على أسباب الصراع بدل معالجتها.
خلاصة
إن استمرار هذا الخطاب المتناقض، القائم على التهديد بدل الشراكة، وعلى التضليل بدل المصارحة، لن يؤدي إلا إلى تعميق الانقسام وإطالة أمد الأزمات. الحل الحقيقي يكمن في الاعتراف بالواقع، واحترام تضحيات الشعوب، ودعم القوى التي تحارب الإرهاب وتحمي الأرض، لا استهدافها.



