مقالات الرأي

هل يستنسخ الحجوريون تجربة طالبان في وادي شحوح بحضرموت؟!

بقلم: سعاد باوزير

لم يعد لقب “قندهار الجزيرة العربية” مجرد تساؤل مرير يتردد في مجالس وادي شحوح بحضرموت، بل أصبح حقيقة دامغة يرسم ملامحها الحجوريون بقوة السلاح. ففي هذا الوادي المنعزل، الذي كان يوماً رمزاً للاعتدال والانفتاح، ينمو مشروع أيديولوجي متشدد، وقد تخطى مرحلة الفكر لينتقل إلى مرحلة التنظيم العسكري، مستنسخاً تجربة طالبان بحذافيرها في قلب جنوب الجزيرة العربية.

إن ما نشهده اليوم في وادي شحوح لم يعد مجرد خلاف اجتماعي، بل هو بزوغ جماعة مسلحة تعمل على تفكيك النسيج الاجتماعي من الداخل. تحت غطاء الدعوة السلفية، تنفذ جماعة الحجوري أجندة تبدأ بالسيطرة الأيديولوجية، وتُعززها ببناء معاقل منعزلة، لكنها لا تتوقف عند هذا الحد. لقد وصل الأمر إلى حمل السلاح وإقامة معسكرات تدريب في أسفل الوادي، في استعراض سافر للقوة وتحدٍ مباشر للدولة والمجتمع.

لقد نجحوا في خنق الروح الاجتماعية للوادي، وقمعوا مظاهره الثقافية، واليوم يفرضون واقعهم ليس فقط بالفكر، بل بقوة السلاح الذي يلوحون به. حادثة الدهس الأخيرة لم تكن مجرد خطأ فردي، بل كانت تعبيراً عن عقلية جماعة مسلحة تشعر بأنها فوق القانون والأعراف، وتتعامل مع الأهالي بغطرسة من يملك القوة.

بهذا، لم تعد المقارنة مع طالبان مجرد قراءة تحليلية، بل أصبحت تطابقاً كاملاً. فالأيديولوجيا المتطرفة واحدة، والسعي لمحو الهوية المحلية مشترك، واستراتيجية بناء المعاقل متطابقة، والآن، حمل السلاح أصبح قاسماً مشتركاً أيضاً. لقد انتقل الحجوريون من مرحلة “طالبان الاجتماعية” إلى مرحلة “طالبان المسلحة”.

إن الصمت الرسمي والتراخي في التعامل مع هذه الظاهرة الكارثية هو بمثابة ضوء أخضر لها لتتمدد. إننا نقف اليوم أمام مسؤولية تاريخية: فإما أن نتحرك بحزم لتفكيك هذه الميليشيا واستعادة سيادة الدولة وروح حضرموت المعتدلة، أو أن نقف متفرجين بينما تنمو “طالبان” جديدة ومكتملة الأركان في عقر دارنا. وحينها، سندفع جميعاً ثمناً باهظاً من دمائنا وأمننا. السؤال لم يعد “هل سيحدث ذلك؟”، بل هو يحدث الآن أمام أعيننا.

Related Articles

Leave a Reply

Back to top button
en_USEnglish