مقالات الرأي

محمية حوف الطبيعية: كنز سياحي لمستقبل واعد في المهرة

إعداد الأستاذ: صديق بافضل*

تقع في أقصى شرق اليمن، على الحدود مع سلطنة عُمان، جوهرة طبيعية فريدة تُعرف باسم “محمية حوف” هذه المنطقة التي وصفها الكثيرون بأنها “جنة الله في الأرض” تمثل نموذجاً استثنائياً للتنوع البيئي والجمال الطبيعي، مما يجعلها إحدى أهم وجهات الجذب السياحي الواعدة في شبه الجزيرة العربية.

موسم الخريف: سحر الطبيعة الاستثنائي

تتمتع محمية حوف بظاهرة مناخية فريدة تُعرف محلياً بـ “موسم الخريف”، والذي يمتد لثلاثة أشهر من منتصف يونيو وحتى منتصف سبتمبر من كل عام. خلال هذه الفترة تهطل الأمطار الموسمية وتغطي السحب والضباب الكثيف المنطقة مما يحول جبالها ووديانها إلى بساط أخضر يانع ويخلق أجواءً باردة ومنعشة في قلب الصيف الحار.

يُعد هذا الطقس الاستثنائي المحرك الرئيسي للنشاط السياحي، حيث يتوافد آلاف الزوار من مختلف محافظات اليمن ودول الجوار خاصة سلطنة عُمان للاستمتاع بالمناظر الطبيعية الخلابة والأجواء الساحرة. تشهد الحركة السياحية خلال هذا الموسم ذروتها حيث يعتمد الكثير من السكان المحليين على هذه الفترة في ممارسة الزراعة الموسمية وتقديم الخدمات للزوار.

فعاليات ثقافية وتراثية: مهرجان المزيان

لا تقتصر جاذبية المهرة على طبيعتها الساحرة فحسب، بل تمتد لتشمل تراثها الثقافي الأصيل الذي يتم إحياؤه عبر مهرجانات فريدة. ويُعد المهرجان الثقافي أو مهرجان المزيان الذي يُقام سنوياً في 15 أغسطس، أحد أبرز هذه الفعاليات.

يهدف هذا المهرجان إلى إحياء التراث الشعبي المرتبط بالإبل، والذي يُمثل جزءاً لا يتجزأ من الهوية الثقافية للمهرة. يشمل المهرجان فعاليات رئيسية منها:
* مسابقة المزاينة حيث يتم تقييم الإبل المشاركة بناءً على معايير الجمال والقوة.
* مسابقة المحالبة التي تُقام بالتوازي مع المزاينة وتعتمد على كمية الحليب التي تنتجها الناقة.

يمثل المزيان فرصة ممتازة لتعريف الأجيال الجديدة بالعادات والتقاليد المرتبطة بتربية الإبل، ويُسهم في الترويج للسياحة المحلية وجذب الزوار المهتمين بالتراث من داخل اليمن وخارجها.

عوامل الجذب السياحي في محافظة المهرة

لا تقتصر كنوز المهرة على محمية حوف ومهرجانها الثقافي فقط، بل تزخر المحافظة بالعديد من عوامل الجذب السياحي المتنوعة التي تؤهلها لتكون وجهة سياحية متكاملة.

* التنوع البيئي الفريد تمتلك المهرة تضاريس متنوعة تجمع بين السواحل النقية، والجبال الشاهقة، والوديان العميقة، والصحاري الممتدة.
* الشواطئ الساحرة يمتد الشريط الساحلي للمحافظة على بحر العرب ويضم شواطئ بكر وخلابة مثل شاطئ الفتك، وشاطئ السلاحف في منطقتي ردغال وشيصور، بالإضافة إلى سواحل مديرية حصوين.

* التاريخ والتراث العريق تحتضن المهرة العديد من المواقع الأثرية والحصون التاريخية التي تحكي قصة حضارات قديمة، مثل مستوطنة حبروت وقصر السلطان في قشن، وحصن الكافر.

* الثقافة المهرية الأصيلة يتميز أهالي المهرة بلغتهم الخاصة وعاداتهم وتقاليدهم الأصيلة وحسن ضيافتهم، مما يضيف بعداً ثقافياً غنياً لتجربة الزائر.

استثمار موسم حوف: رؤية للمستقبل

على الرغم من المقومات الهائلة، لا يزال الاستثمار السياحي في محمية حوف والمهرة بشكل عام دون المستوى المأمول. ولكي تتمكن المحافظة من استثمار “موسم حوف” بالشكل الأمثل، يجب اتخاذ خطوات جادة ومدروسة.

ما يجب على المحافظة عمله

1. تطوير البنية التحتية الأولوية القصوى يجب أن تكون لصيانة وتأهيل الطريق الدولي الذي يمر عبر حوف، وتوفير الخدمات الأساسية على طوله، بالإضافة إلى تحسين الطرق الداخلية المؤدية إلى مواقع الجذب.

2. تشجيع الاستثمار السياحي يجب على السلطة المحلية تقديم تسهيلات وحوافز حقيقية للمستثمرين لإنشاء مشاريع سياحية نوعية مثل الفنادق البيئية والمنتجعات والمخيمات المنظمة.

3. توفير الخدمات والمرافق هناك حاجة ماسة لإنشاء مرافق عامة للزوار مثل دورات المياه ومناطق الاستراحة ومراكز المعلومات السياحية، بالإضافة إلى توفير مرشدين سياحيين مؤهلين.

4. التسويق والترويج المنظم إطلاق حملات ترويجية احترافية للتعريف بمحمية حوف وموسم الخريف وباقي مناطق الجذب في المهرة عبر مختلف المنصات الإعلامية والرقمية.

5. الحفاظ على البيئة تطبيق قوانين صارمة لحماية البيئة والتنوع الحيوي، ورفع الوعي لدى الزوار والسكان المحليين بأهمية الحفاظ على نظافة المكان.

إن محمية حوف ليست مجرد وجهة سياحية، بل هي ثروة وطنية وكنز اقتصادي قادر على تحقيق تنمية مستدامة لمحافظة المهرة إذا ما تم استثماره بحكمة ورؤية مستقبلية.

*متخصص في الاقتصاد السياحي ومدير فندق جود السياحي.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button
en_USEnglish