ثقافة

تلقم.. بين أطلال القصر المشيد وذاكرة الأجيال

تقرير: علوي بن سميط

في أغسطس من عام 2003م، انطلقت من صنعاء متجهاً شمالاً صوب مدينة ريدة، الواقعة على بُعد 21 كيلومتراً من محافظة عمران، برفقة الصديق العزيز العزي سران – رحمه الله – الذي ينحدر من هذه البلدة. بعد قطع مسافة نحو 70 كيلومتراً، وصلنا إلى تلقم، وهي مرتفع يطل على ريدة ويُعرف بين سكان المنطقة بأنه موطن القصر المشيد والبئر المعطلة، كما يعتقد الأهالي استناداً إلى روايات تراثية تتناقلها الأجيال.

صعدت إلى المرتفع لأقف على معالمه، فوجدت بقايا قصر قديم متهالك، أو بالأحرى حصن كبير متناثرة حجارته، يجاوره بئر مطمورة وبعض الأطلال التي تبدو وكأنها منازل قديمة تعود إلى أهالي تلقم ريدة.

رغم حالته المتداعية، يؤكد سكان ريدة – مسلمون ويهود – أن هذا الموقع هو القصر المشيد المذكور في الآية 45 من سورة الحج:

“فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَبِئْرٍۢ مُّعَطَّلَةٍۢ وَقَصْرٍۢ مَّشِيدٍ”

وبحسب روايات متطابقة من أهالي المنطقة، فإن هذا الاعتقاد قديم، تناقلته أجيال المسلمين واليهود على حد سواء، مستندين إلى أقوال متوارثة وإشارات من بعض المؤرخين، من أبرزهم الهمداني، الذي ذكر أن قصر تلقم وقصر غمدان كانا من أعظم القصور اليمنية قبل الإسلام.

ورغم كل تلك الروايات، لم أجد خلال زيارتي ما يُثبت بشكل علمي أو أثري قاطع أن هذا الموقع هو المقصود في الآية الكريمة. ومع ذلك، تبقى تلقم وقصرها المتهدم شاهداً على ذاكرة تاريخية متجذرة في وجدان أبناء ريدة، تثير الأسئلة أكثر مما تقدم الإجابات.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button
en_USEnglish