تحليل خطاب بن حبريش: تحوّل سياسي لإعادة التموضع داخل أسوار السلطة والشرعية

خاص ـ حضرموت نيوز
شهد الخطاب الأخير للشيخ عمرو بن حبريش تغيراً لافتاً في نبرته ومضامينه، مجسدا تحوّلاً جذرياً في مواقفه السياسية خلال الفترة الماضية.
ويبدو أن هذا التحوّل جاء نتيجة ضغوط عسكرية وسياسية متصاعدة دفعت بن حبريش إلى إعادة تموضعه ضمن إطار الشرعية، في خطوة قد تُفسَّر بأنها محاولة لتجنب مزيد من العزلة أو الانكفاء عن المشهد السياسي.
1. تحوّل فرضته المستجدات الأخيرة
يعكس الخطاب انتقالاً واضحاً من مواقف متشددة إلى أخرى أكثر مرونة وبراغماتية، ما يدل على أن التطورات الأخيرة فرضت على بن حبريش إعادة حساباته السياسية. هذا التحوّل يظهر كاستجابة عملية لضغوط الواقع، وليس نابعاً من تغير قناعات بقدر ما هو محاولة للتكيّف مع ميزان القوى الجديد.
2. مؤشرات على ضعف الموقف السياسي
جاء الخطاب أقرب إلى الطابع الإنشائي منه إلى خطاب قائم على معطيات سياسية قوية. واعتماد هذا الأسلوب يُظهر تراجعاً في نقاط القوة التي كان يستند إليها بن حبريش سابقاً، إضافة إلى غياب أي سند واقعي ملموس أو تفويض شعبي واضح يمكن البناء عليه.
3. الإشادة المفاجئة بالعليمي والتحول نحو الشرعية
تراجع بن حبريش عن خطاباته السابقة التي هاجم فيها رئيس مجلس القيادة الرئاسي، الدكتور رشاد العليمي، جراء ما اعتبره حينها تقصيراً في تنفيذ مصفوفة حل قضية حضرموت. إلا أن خطابه الأخير جاء محمّلاً بإشادات بالعليمي وبموقف الشرعية، في خطوة تُقرأ كتنازل سياسي يهدف إلى تأمين غطاء رسمي من الشرعية ومن السعودية، التي أثنى على دورها كذلك، لتفادي الوقوف في خانة العزلة السياسية، وحفاظه على الأقل على منصبه كوكيل أول محافظة حضرموت.
4. التخلي عن خطاب التصعيد المسلح
من أبرز التحولات أيضاً تراجع بن حبريش عن مشروعه السابق الداعي إلى تشكيل قوات مسلحة ومقاومة شعبية. انتقل خطابه من لغة التهديد بالتصعيد العسكري إلى نهج أكثر هدوءاً وحذراً، يعكس إدراكه لتراجع قدرته على المناورة في هذا الاتجاه، ولضيق هامش الدعم الشعبي لمثل تلك الخطوات.
5. التوقف عن مهاجمة الإمارات
اتسم الخطاب بغياب أي ذكر لدولة الإمارات، رغم حملاته السابقة التي وجّه فيها انتقادات مباشرة لابوظبي بدافع من حزب الإصلاح الذي اخترق حلف قبائل حضرموت وسيطر على قرارات بن حبريش. هذا التجاهل المتعمّد يشي إلى محاولتة خفض حدّة التوتر مع أبوظبي وعدم فتح جبهة سياسية إضافية، في ظل ظروف لا يبدو فيها بن حبريش في موقع يسمح له بخوض مواجهات متعددة.
6. تغيير الجلد السياسي
يمكن القول إن خطاب بن حبريش الأخير يمثل تغييراً في “جلده السياسي”، متجهاً نحو خطاب أكثر توافقية مع الشرعية. ويُعد هذا التبدّل خطوة براغماتية تهدف إلى الحفاظ على موقعه في المشهد السياسي، ولو بثمن التراجع عن مواقفه السابقة وشعاراته الرنانة.
خلاصة
ينم خطاب عمرو بن حبريش عن تحول سياسي مدروس فرضته الظروف الحالية. ومع أن هذا التحول قد يُنظر إليه كتكتيك مرحلي للبقاء ضمن الحسابات السياسية، إلا أنه يعكس أيضاً واقعاً جديداً يتراجع فيه النفوذ السياسي والشعبي للرجل مقارنة بالمراحل السابقة.



