مقالات الرأي

طريق الاستقلال

بقلم: خالد اليماني

اليوم، ومع امتلاك المجلس الانتقالي سلطة فعلية على الأرض، تتمثّل الخطوة التالية في تثبيت الإدارة الذاتية للجنوب، وتوسيع الشراكة الجنوبية تمهيداً لتحقيق الاستقلال الناجز. وهذا يتطلّب بناء مؤسسات جنوبية راسخة — حكومية وتشريعية وقضائية وخدمية — تدير الموارد والثروات، وتعيد هيكلة الأجهزة الأمنية والعسكرية في إطار جنوبي موحّد، مع دمج مختلف المكوّنات السياسية والقبلية والمجتمعية في إدارة الشأن العام لضمان شراكة وطنية واسعة بعيدة عن النخبوية.

وبالتوازي، يجب تعميق الحوار الوطني الجنوبي تنفيذاً للرؤية السياسية للمجلس الانتقالي بما يمهّد الأرضية القانونية لاستعادة الدولة. وخارجياً، يجب توسيع الحضور السياسي والدبلوماسي الجنوبي وفق مبدأ المناصفة القائم، وعكس ذلك على كل البعثات التمثيلية، وبناء شراكات اقتصادية وأمنية مستقلّة مع الإقليم والعالم، لتهيئة الاعتراف التدريجي بدولة الجنوب القادمة.

إن استقلال جنوب اليمن لم يعد شعاراً عاطفياً ولا طرحاً انفعالياً، بل مشروعاً سياسياً متماسكاً يستند إلى الأمر الواقع في الجنوب، وتحولات تاريخية، وإرادة شعبية واسعة. وبينما لا تزال التحديات قائمة — من المؤامرات وصراعات النفوذ إلى المصالح الآنية — فإن اللحظة التاريخية لم تكن أكثر نضجاً مثل اليوم، ونحن نحتفل بذكرى الاستقلال المجيد، الثلاثين من نوفمبر 1967. إن استعادة الدولة الجنوبية ليست فقط حقاً سياسياً، بل مسؤولية تاريخية تقع على عاتق كل الجنوبيين، للاصطفاف خلف المجلس الانتقالي الجنوبي للمضي نحو بناء دولة ديمقراطية اتحادية مستقلة، مزدهرة، تنبذ العنف وترفض الإرهاب، وشريكاً موثوقاً لدول الخليج والعالم الحر، وركناً أساسياً للاستقرار الإقليمي، وعاملاً داعماً للتكامل مع شمال اليمن مستقبلاً.

* وزير الخارجية اليمني الأسبق.

 

Related Articles

Leave a Reply

Back to top button
en_USEnglish