مقالات الرأي

روائح الزمان.. شفا الله ثابت السعدي صديق الحرف والكلمة

بقلم: عوض سالم ربيع

لم يكن الشاعر ثابت السعدي شاعرًا فحسب، بل كان مترعًا بالإحساس والطيبة، طاويًا ألمه بين جوانحه، فقد توكل العمر السنين، وهي ذات القصيدة التي اعتلت سنام شعره، ولقد طار بها شيخنا أحمد بن عمر مسجدي كل مطار، فأشبعها بحثًا وتحليلًا وتعليقًا.

بدأها من توكل التي أحالها ثابت السعدي إلى توكل كناية عن الإيغال، كقولنا نحن الحضارم: فلان يوكل أي ذو شراهة في الأكل (خور بضم الخاء والواو).
قالت العرب: كل ممضوغ مأكول، وكل مبلوع ممضوغ، والأكل إذا كان في الخوان ولم يلج في الفي – أي في الفم – فهو أكل، أما إذا ولج في الفي فهو مأكول.

كلما شرقت وغابت
قلت يمكن باتزين
يا ليالي النور نترقبش
متى عادش باتجين
لامتى ظلي نراقب
بس يكفي من متاعب
هكذا والدهر يقطع
في الجسد مثل السكين
توكل العمر السنين

ذلكم قول ثابت، أما قول الشاعر صالح باظفاري متمنيًا لمواطنه وصديقه الشحري الشفاء بإذن الله، فكان:

شفا الله ثابت السعدي
صديق الحرف والكلمه
نعده في البلد عندي
في الأسمار هو القمه
دعوت الله لي يهدي
يمن بشفاه والنعمه
على ثابت وله نقدي
بكل ما أُتيت من همّه

ظل ثابت صامدًا تتقاسمه الأسقام والأوجاع، صابرًا لله محتسبًا.

توكل العمر السنين — ألحان علي سعيد علي — كلمات خرجت من أنفاس تتمعّج، قالها ثابت مميزًا بين العمر والسنين:
توكل العمر السنين.

قالت العرب: العمر فترة محدودة تمشي بها في مناكب الأرض، وكل من طالت به الأيام جمّ مرجعه للطين، يا قلب ليه الأسى والأنين.
أما السنين فهي الحسّابة، تُحسب بمعنى الآلة الحاسبة للعمر، ولهذا لم يقدح ثابت من رأسه، بل أتى بالعمر والسنين بمعنيين مختلفين.

يالرّوعتك يا ابن الشحر، يا الروعتك.

تعالوا بنا – وعلى طريقة الفنان عبدالقادر بامخرمة – نطوي الحديث الذي جرى.

كأني بالشحر ذات خيمة وصحراء وجمل،
إمرؤ القيس إذا ركب،
والنابغة إذا رهب،
وزهير إذا رغب،
والأعشى إذا طرب.

أطربنا ثابت السعدي بـ توكل العمر السنين، فهل كان السعدي صناجة الشحر – بتشديد النون – إذا طرب؟
الشحر وحدة متماسكة من الشعر والحب والجمال، وكان ثابت ثابتًا في وتد خيمة الشعر والشحر.

والسلام لقلبه.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button
en_USEnglish