أهم الاخبارلا تقرأ هدا الخبر

في قبضة العدالة… الطيار المتوكل من “اختطاف طائرة اليمنية” إلى “الاعتقال في مطار عدن”

حضرموت نيوز – خاص

ألقت الأجهزة الأمنية في مطار عدن الدولي، مساء السبت، القبض على الكابتن محمد المتوكل، أحد طياري الخطوط الجوية اليمنية، والمتهم باختطاف طائرة مدنية تابعة للشركة ونقلها إلى مطار صنعاء الخاضع لسيطرة مليشيا الحوثي المدعومة من إيران، في حادثةٍ أثارت جدلاً واسعًا وأعادت إلى الواجهة ملف استحواذ المليشيا على أسطول الطيران اليمني.

تفاصيل عملية الاعتقال

ووفق مصادر ملاحية وأمنية في مطار عدن، جرت عملية الاعتقال من داخل الطائرة قبيل دقائق من إقلاعها، حيث كان المتوكل يستعد للسفر مع أسرته إلى العاصمة المصرية القاهرة لتلقي العلاج، بعد أن استكمل كافة إجراءات السفر الرسمية. وتم اقتياده من قبل وحدة أمنية خاصة إلى أحد المقرات الأمنية في العاصمة المؤقتة عدن لاستكمال التحقيقات.

ولم تصدر السلطات الأمنية في مطار عدن بيانًا رسميًا حتى ساعة إعداد هذا التقرير، غير أن المتحدث باسم شركة الخطوط الجوية اليمنية حاتم الشعبي أكد لـ«حضرموت نيوز» أن «عملية الاعتقال شأن أمني بحت ولا علاقة للشركة بها»، مضيفًا أن المتوكل «كان أحد الطيارين الذين عملوا ضمن طواقم الطيران التي سيرت رحلات من مطار صنعاء قبل أن تُقصف إحدى الطائرات بغارات إسرائيلية لاحقًا».

معلومات جديدة من وزارة الإعلام

وفي تطورٍ لافت، كشف وكيل وزارة الإعلام أسامة الشرمي، في تغريدات نشرها على منصة “إكس”، عن معلومات إضافية تتعلق بخلفيات الطيار المتوكل وسلوكه قبل التحاقه بـ مليشيا الحوثي المدعومة من إيران.

وقال الشرمي إن المتوكل «كان يسافر بلا تذكرة، ويركب أول طائرة تغادر المطار، إضافةً إلى رحلتين مجانيتين سنويًا تمنحهما له الخطوط الجوية اليمنية إلى أي بلد يختاره». وأضاف أن الطيار «كان يدخل المطار بزيه الأبيض المزيّن بالشرائط الذهبية وبنطاله الكحلي، ترافقه مضيفات الشركة بخطواتٍ واثقة، دون أن يوقفه أحد، وكأنه رئيس جمهورية بلا حراسة ولا بروتوكول».

وأوضح الشرمي أن المتوكل «انحاز إلى مليشيا الحوثي المدعومة من إيران، وقاد إحدى طائرات الركاب إلى صنعاء رغم أوامر إدارة الشركة بالهبوط في عدن»، مؤكدًا أن «الطائرة التي اختطفها كانت واحدة من طائراتٍ اشتراها اليمنيون بديونهم وتضحياتهم، قبل أن تدمرها غارة جوية إسرائيلية وهي مركونة في مطار صنعاء».

وأضاف وكيل الوزارة أن الطيار «ظل بعدها لأشهرٍ مريضًا ومنعزلاً في منزله، قبل أن يعود إلى المطار مطأطئ الرأس، ليُعتقل في نهاية المطاف وهو يحاول مغادرة البلاد».

وتساءل الشرمي في ختام حديثه بنبرة مؤلمة:

«أي شيء دهاك يا متوكل؟ يا طيار، يا مثقف، يا متعلم… بلغت بالجمهورية عنان السماء، ثم انحدرت بالإمامة إلى قاع الضغاطة. أي لعنةٍ أصابت اليمن حتى يستوطنها هذا الصنف الأفن من الناس؟».

من “فرصة الحج” إلى “قرصنة الطائرات”

تعود خلفية القضية إلى حادثة السطو على طائرات الخطوط الجوية اليمنية التي وقعت خلال موسم الحج قبل عامين، عندما استغلت مليشيا الحوثي المدعومة من إيران تسيير رحلات الحجاج من وإلى صنعاء للسيطرة على أربع طائرات من أسطول الشركة الوطني، ونقلها إلى مطار صنعاء لاستخدامها لأغراضها الخاصة.

وكان المتوكل من بين الطيارين الذين شاركوا –وفقًا لمصادر حكومية– في نقل تلك الطائرات من عدن إلى صنعاء رغم اعتراض إدارة الشركة. واحتجزت الطائرات هناك لأشهر طويلة قبل أن تتعرض نهاية مايو الماضي للتدمير الكامل في غارة إسرائيلية، نُفذت ردًا على هجماتٍ حوثية استهدفت مدنًا إسرائيلية وسفنًا تجارية في البحر الأحمر.

وقد اعتُبرت تلك الحادثة «الضربة الأقسى» التي يتلقاها الناقل الوطني اليمني منذ اندلاع الحرب، إذ أدت إلى خسارة نصف أسطوله الجوي، وفاقمت أزمة السفر والتنقل داخل البلاد، خصوصًا في المناطق الشمالية الواقعة تحت سيطرة مليشيا الحوثي المدعومة من إيران.

تداعيات إنسانية واقتصادية

وأدى تدمير الطائرات الأربع إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في مناطق سيطرة المليشيا، حيث أصبح السفر إلى الخارج يتطلب تنقلًا بريًا طويلًا وشاقًا عبر طرق جبلية وعرة وصولًا إلى مطاري عدن أو سيئون الخاضعين للحكومة الشرعية. ونتج عن ذلك معاناة كبيرة للمرضى والطلاب والعاملين في الخارج الذين يعتمدون على الخطوط الجوية اليمنية كوسيلة وحيدة وآمنة للسفر.

ويرى مراقبون أن اختطاف الطائرات لم يكن عملًا فرديًا أو طيشًا ميدانيًا، بل خطوة منظمة ضمن استراتيجية المليشيا الرامية للسيطرة على المرافق السيادية ومؤسسات الدولة، واستثمار موسم الحج والرحلات الإنسانية لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية، دون أي اعتبار لحجم الأضرار التي لحقت بالمواطنين وبمقدرات الدولة.

صمت حوثي ومطالب بالشفافية

حتى لحظة إعداد هذا التقرير، لم يصدر عن مليشيا الحوثي المدعومة من إيران أي تعليق رسمي بشأن اعتقال المتوكل، فيما دعت منظمات حقوقية السلطات في عدن إلى ضمان سير التحقيقات وفق القانون وإتاحة الحق للمتهم في الدفاع عن نفسه، مع ضرورة كشف ملابسات القضية للرأي العام لما تمثله من بعدٍ وطني وسيادي.

من الطيران إلى السقوط

ويرى مراقبون أن قصة الكابتن محمد المتوكل تختزل مأساة الكفاءات اليمنية التي تبددت في فوضى الحرب، فتحوّلت من رموز مهنية مرموقة إلى أدواتٍ بيد مليشيا مسلحة أضعفت مؤسسات الدولة ومزقت بنيتها. فالرجل الذي حلق بطائرات اليمنيين في سماء العالم، انتهى به المطاف متهمًا بخيانة المهنة والوطن، ومعتقلًا على أرضٍ كانت يومًا وجهته الآمنة.

وفي انتظار نتائج التحقيق، تبقى الأسئلة مفتوحة حول مسؤولية مليشيا الحوثي المدعومة من إيران في تدمير الناقل الوطني، ومستقبل ما تبقى من أسطول الطيران اليمني الذي أصبح اليوم شاهدًا على عبث الحرب ومأساة دولةٍ تسعى لاستعادة سيادتها وهيبتها.

 

 

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button
en_USEnglish