مقالات الرأي

لعبة القرارات بين الزبيدي والعليمي

بقلم: د. غالب القعيطي

يبدو أن المشهد السياسي في اليمن دخل مرحلة جديدة من المناورة بين مكونات مجلس القيادة الرئاسي، وخصوصاً بين رئيس المجلس رشاد العليمي ونائبه عيدروس الزبيدي. ففي حين أن العليمي ظل خلال الفترة الماضية يصدر مئات القرارات بصورة منفردة دون الرجوع إلى التوافق الذي قام عليه المجلس منذ نشأته، جاء الزبيدي مؤخراً بسلسلة قرارات محدودة العدد لكنها ذات دلالة سياسية أكثر من كونها إدارية.

قرارات الزبيدي الأخيرة يمكن وصفها بأنها حركة ذكية و”لعبة سياسية” هدفت إلى إعادة فتح ملف التوافق داخل المجلس، وإبطال مشروعية القرارات المنفردة التي أصدرها رئيس المجلس. فبينما يظهر الزبيدي وكأنه تجاوز صلاحيات التوافق، إلا أن الخطوة في حقيقتها تمثل ردة فعل مقصودة لإبراز التناقض القائم: كيف يُعدّ إصدار عدد محدود من القرارات مخالفة للتوافق بينما يتم غض الطرف عن مئات القرارات التي اتخذت منفردة من قبل رئيس المجلس؟

بهذا المعنى، فإن ما قام به الزبيدي لم يكن مجرد ممارسة سلطوية عابرة، بل كان اختباراً سياسياً يكشف اختلال ميزان التوافق داخل مؤسسة يفترض أن تقوم على الشراكة الجماعية لا على تفرد القرار. لقد نجح في تسليط الضوء على حقيقة أن “القرارات الجماعية” باتت تُدار في الواقع وفق إرادة فردية، وهو ما يضعف المجلس ويعزز الشعور بعدم العدالة بين أعضائه.

إن ما يبرز خطوة الزبيدي هو أنها أقل من حيث الكم لكنها أكبر من حيث الأثر؛ لأنها وضعت العليمي أمام مرآة التناقض، وأحرجت شركاء الداخل والخارج على السواء. وفي حال لم يتم التوصل إلى آلية واضحة لإدارة القرار داخل المجلس، فإن هذه اللعبة قد تتحول من مناورة ذكية إلى شرخ أعمق في جسد السلطة الشرعية نفسها.

الأثر المباشر لهذه الخطوة قد يتمثل في إعادة فتح النقاش حول شرعية القرارات السابقة للعليمي، وربما دفع الأطراف الأخرى لإعادة التوازن داخل المجلس. كما أن نتائج وأثر هذه القرارات قد تتجاوز ذلك لتفتح الباب أمام إعادة تشكيل المجلس نفسه، وربما خروج بعض الأعضاء من بينهم رئيس المجلس من المشهد كاملاً.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button
en_USEnglish