مؤتمر حضرموت الجامع.. من منصة للتوافق إلى أداة لتصفية الحسابات السياسية

خاص – حضرموت نيوز
في بيان لا يخلو من التناقضات، وُصف من قبل مراقبين بأنه محاولة يائسة لتقويض القوى السياسية المنافسة، عاد “مؤتمر حضرموت الجامع” ليصدر موقفًا ناريًا يتهم فيه السلطة المحلية والمجلس الانتقالي الجنوبي بمحاولة جر حضرموت إلى الفوضى، متجاهلًا في الوقت ذاته الوقائع الميدانية التي تشير إلى تورط أدواته المسلحة – وفي مقدمتها مليشيات الحلف – في أعمال تصعيدية خطيرة مست حياة المواطنين بشكل مباشر، وأهمها قطع الكهرباء والخدمات عن مدن المحافظة.
توقيت البيان.. رسائل تصعيد سياسي بعد فشل طموحات شخصية؟
مصادر مطلعة أكدت أن البيان يأتي بعد فشل ضغوطات مارسها قياديون في المؤتمر لفرض أمينه العام على منصب محافظ حضرموت، في إطار تسوية سياسية كانت مطروحة خلال الأشهر الماضية. وبعد تعثر هذا السيناريو، يبدو أن قيادة “الجامع” قد قررت تحويل المؤتمر من مظلة جامعة لأبناء حضرموت إلى منصة للهجوم على المكونات السياسية، وتحديدًا تلك التي حالت دون تمرير مرشحها.
ويذهب بعض المراقبين إلى اعتبار هذا البيان محاولة مكشوفة لـ”تصفية حسابات” سياسية باستخدام لغة الحقوق والمطالب الحضرمية، رغم أن المؤتمر ذاته بقي صامتًا أمام الانتهاكات التي ترتكبها مليشيات الحلف، الذراع غير المعلنة للجامع، والتي تورطت خلال الأشهر الماضية في عرقلة الخدمات الحيوية، وقطع خطوط الكهرباء، وفرض أمر واقع في بعض المديريات.
صمت مريب حيال انتهاكات الحلف.. من يدفع الثمن؟
وعلى الرغم من تحميل “الجامع” السلطة المحلية مسؤولية تردي الوضع الخدمي، إلا أنه تجاهل عمدًا الإشارة إلى مسؤولية مليشيات الحلف المدعومة منه، والتي أقدمت على قطع الطرقات وخطوط الإمداد الكهربائي، ما ساهم في زيادة معاناة المواطنين، خصوصًا في مدن ساحل حضرموت، التي شهدت انهيارات متكررة في خدمة الكهرباء خلال ذروة الصيف القائظ.
هذا الصمت يُقرأ على نطاق واسع كنوع من التواطؤ، أو على الأقل كازدواجية سياسية تضعف موقف المؤتمر في تبني مطالب الناس، حين يُفرّق في خطابه بين الفاعلين بحسب المصالح والانتماء، وليس بحسب السلوك والممارسات.
ملف التعليم.. تأجيج الإضراب وصمت عن الفشل
ولم يتوقف التناقض عند هذا الحد، فالمؤتمر الذي “ثمن” دعم القيادات الحضرمية لمطالبه، لم يتطرق في بيانه الأخير إلى الإضراب الذي شل العملية التعليمية في حضرموت، والذي يرى كثيرون أن المؤتمر نفسه أسهم في تأجيجه، رغم أن وزير التربية والتعليم في الحكومة الحالية هو أحد مرشحي “الجامع”، وهو نفسه من عجز عن تقديم أي حلول جذرية لمعالجة مشاكل المعلمين أو تخفيف حدة الإضراب.
هذه الازدواجية تُعمّق الشعور لدى الشارع بأن “الجامع” بات يتحرك وفق أجندة سياسية ضيقة، لا تعكس واقع الشارع الحضرمي، ولا تعبر عن همومه، بل توظفها كورقة ضغط لابتزاز خصوم سياسيين، أو تصفية خلافات داخل مراكز النفوذ.
الجامع يفقد بوصلته؟
في ظل هذا المشهد، يتساءل كثير من الحضارم: هل لا يزال مؤتمر حضرموت الجامع يمثل المظلة الجامعة التي تأسس لأجلها، أم أنه بات مجرد واجهة سياسية لأجندة خاصة؟ وهل سيستمر في نهج التصعيد واختلاق الخصوم، بدلًا من البناء على ما تحقق والمطالبة بحقوق حضرموت من منطلق وطني جامع، لا فئوي؟