مقالات الرأي

تحليل اقتصادي لآليات تعافي سعر صرف الريال اليمني:

دراسة حالة استراتيجيات الحكومة:

بقلم: أ.د. عمر المحمدي

تعتبر تقلبات سعر الصرف أحد أبرز التحديات التي تواجه الاقتصادات التي تعاني من عدم الاستقرار، وفي الحالة اليمنية، شهد الريال انخفاضًا حادًا على مدى السنوات الماضية. ومع ذلك، تشير التطورات الأخيرة إلى اتجاه تصاعدي في قيمة العملة الوطنية، مما يستدعي تحليلًا أكاديميًا للسياسات الاقتصادية التي تقف وراء هذا التعافي. هذا المقال يهدف إلى استعراض الآليات والأسس الاقتصادية التي أدت إلى هذا التحسن، مع التركيز على الإجراءات الحكومية والسياسات النقدية.

الأسس النظرية للسياسة النقدية المتبعة:
يعتمد الاستقرار الاقتصادي الكلي على التوازن بين السياسة المالية والسياسة النقدية. في سياق تعافي الريال اليمني، يبدو أن الحكومة تتبنى نهجًا يعتمد على السياسة النقدية الانكماشية (Contractionary Monetary Policy) والضوابط المالية الصارمة. بدلاً من الاعتماد على التمويل الخارجي أو الودائع الدولية كحل قصير المدى، يرتكز النهج الحالي على إصلاحات هيكلية داخلية تهدف إلى تعزيز الثقة في العملة المحلية.

الآليات المتبعة لضبط سعر الصرف:

1. السيادة النقدية للبنك المركزي:
تمثل هذه الخطوة جوهر الاستراتيجية. فقد استعاد البنك المركزي اليمني دوره كمؤسسة وحيدة ومحورية في إدارة السياسة النقدية. من خلال ممارسة الرقابة المشددة على سوق الصرف الأجنبي، تم الحد من المضاربات غير القانونية التي كانت تشوه سعر الصرف. وبذلك، أصبح البنك المركزي هو المصدر الأساسي والوحيد للعملات الأجنبية، مما يمنع الوسطاء غير المرخصين من التلاعب بالأسعار أو استغلال الفروقات السعرية.

2. ضبط الكتلة النقدية:

يساهم تقييد المصروفات الحكومية وتخفيض الإنفاق العام في الحد من السيولة النقدية المتاحة في السوق. هذا الإجراء، المعروف باسم تقليص الكتلة النقدية، يقلل من الضغط التضخمي على الريال. كلما كانت كمية الريال المتداولة أقل، زادت قيمته الشرائية مقابل العملات الأجنبية، مما يؤدي إلى ارتفاع سعره.

3. ترشيد الإنفاق المؤسسي:

يشير المقال إلى تصحيح أوضاع مؤسسات الدولة، وهو ما يمكن تفسيره على أنه جهود لترشيد الإنفاق العام. عندما تعمل المؤسسات الحكومية بفاعلية وشفافية أكبر، فإنها تقلل من الهدر المالي وتقلص الحاجة إلى طباعة المزيد من الأوراق النقدية أو الاقتراض. هذه الإجراءات تساهم بشكل مباشر في استقرار الاقتصاد الكلي وتعزيز قيمة العملة.

التوقعات المستقبلية والنتائج المرجوة:
تهدف هذه الإجراءات إلى إعادة سعر الصرف إلى مستويات ما قبل عام 2015، وهو ما يعكس استهدافًا لنقطة توازن تاريخية كانت تعتبر مستقرة. يعتمد تحقيق هذا الهدف على استمرارية الالتزام بالسياسات الحالية، بما في ذلك الرقابة الصارمة على حركة رأس المال ومكافحة المضاربات. النجاح في تطبيق هذه الاستراتيجية يمكن أن يؤسس لنموذج اقتصادي يعتمد على قوة المؤسسات الوطنية وليس على الدعم الخارجي، مما يعزز الاستقرار الاقتصادي على المدى الطويل.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button
en_USEnglish