أهم الاخبارتقارير وتحقيقات

تقرير: هزيمة القاعدة في حضرموت.. معركة أنقذت اليمن والعالم من أخطر فروع الإرهاب

المكلا – خاص – حضرموت نيوز 

شهدت حضرموت واحدة من أقسى التجارب عندما سيطر تنظيم القاعدة على مدينة المكلا ومناطق واسعة من الساحل. تحوّلت المدينة إلى معقل رئيسي للتنظيم، فُرضت فيه العزلة على الأهالي، وأُرهبت الكوادر السياسية والمجتمعية، وأُغلقت أبواب النشاط المدني، فيما استُخدمت إيرادات ميناء المكلا لتمويل العمليات الإرهابية داخل اليمن وخارجه.

كانت حضرموت خلال تلك الفترة عنوانًا للرعب؛ إذ غادر السياسيون والناشطون مناطق الساحل، وتوقفت الحياة السياسية، وتراجعت التجارة والاستثمار، بل وتحوّل التنظيم إلى سلطة مطلقة تمارس التصفية بحق الكوادر العسكرية والمدنية عبر الاغتيالات والتفجيرات.

لكن في عام 2016 تغيّر المشهد كليًا مع انطلاق معركة تحرير المكلا بقيادة قوات النخبة الحضرمية وبدعم التحالف العربي. خلال أقل من 48 ساعة، نجحت القوات في استعادة المدينة والميناء والمطار، وإسقاط واحدة من أخطر إمارات القاعدة في العالم.

ولإبراز أهمية هذه المعركة، كشف المنشق عن القاعدة رياض العسيري، في حوار صحفي مع ساوت 24، أن بداية تراجع فاعلية التنظيم كانت الضربة التي تلقاها في المكلا. وقال العسيري: “التراجع الميداني للقاعدة بدأ منذ خسارتها للمكلا في أبريل 2016، بعد عام من السيطرة عليها. تلك السيطرة وفرت للتنظيم موارد مالية ضخمة عبر الميناء وأسواق النفط، لكن سرعان ما فقدها بعملية سريعة بدعم جوي مكثف من التحالف.” هذه الشهادة من داخل التنظيم تؤكد أن تحرير المكلا لم يكن مجرد انتصار محلي، بل ضربة استراتيجية كسرت ظهر القاعدة وأفقدتها أهم معاقلها ومصادر تمويلها.

ولم يتوقف الأمر عند تحرير المكلا؛ فقد تواصلت عمليات تأمين الساحل ضد خلايا التنظيم. وفي 17 فبراير 2018 أطلقت قوات النخبة الحضرمية بدعم إماراتي معركة الفيصل، والتي هدفت لاستعادة السيطرة على وادي المسيني، أحد أبرز معاقل القاعدة غرب المكلا. شُنّ الهجوم من ثلاثة اتجاهات، وبحلول يوم 18 فبراير كانت القوات قد أحكمت السيطرة على الوادي بعد قتال عنيف استمر 48 ساعة، انتهى بانسحاب التنظيم ومصادرة مخابئ ضخمة من الأسلحة والذخائر والصواريخ. أعلن القائد الميداني للمعركة اللواء فرج البحسني أن العملية “كانت ناجحة”، مؤكداً استمرار العمليات لتطهير بقية مناطق الجنوب من الإرهاب.

إلى جانب ذلك، خاضت قوات النخبة معارك متفرقة في دوعن ومناطق أخرى، نجحت خلالها في دحر مسلحي القاعدة وتأمين القرى والمناطق الجبلية، مما حرم التنظيم من أهم ملاذاته التي كان ينطلق منها لاستهداف القوات والمواطنين.

تحرير حضرموت لم يكن مجرد نصر محلي؛ فتنظيم القاعدة في جزيرة العرب يُعد من أقوى وأخطر فروع التنظيم عالميًا، وهو الفرع الذي خطط لعدد من الهجمات ضد أهداف دولية وإقليمية. لذلك شكّلت هزيمته في حضرموت ضربة استراتيجية لمشروع التنظيم، وأمّنت ليس اليمن فقط، بل المنطقة والعالم من خطر تمدده.

اليوم، وبعد أكثر من سبع سنوات على التحرير، يرى مراقبون أن حضرموت قد شهدت تحولات كبيرة؛ إذ عادت الحياة السياسية والاجتماعية إلى المكلا، وتوقفت الاغتيالات، وانتعشت التجارة، وبدأت الاستثمارات والمغتربون بالعودة. كما أصبحت إيرادات الميناء تُوجَّه لصالح السلطة المحلية بما انعكس إيجابًا على حياة الناس، بعد أن كانت في السابق تموّل أنشطة التنظيم الإرهابية.

ويؤكد محللون أن التحديات ما تزال قائمة بسبب ممارسات محلية مثل حجز شاحنات الوقود ومضاعفة ساعات انقطاع الكهرباء وهو ما تسبب في خلق بيئة ناقمة يحاول تنظيم القاعدة استغلالها في دعايته من جديد، وهذه الثغرات ينبغي معالجتها بسرعة حتى لا تُمنح للتنظيم فرصة جديدة.”

وفي هذا السياق، شدّد قائد المنطقة العسكرية الثانية اللواء الركن طالب بارجاش على أهمية رفع درجات الجاهزية واليقظة والتنسيق الأمني والعسكري بين جميع الوحدات لمواجهة التحديات الراهنة. وكشف عن معلومات استخبارية مؤكدة تفيد بوجود عناصر في ساحل حضرموت تتلقى دعمًا مباشرًا من ميليشيا الحوثي الإرهابية، بهدف زعزعة الأمن والاستقرار واستهداف قوات النخبة الحضرمية، التي وصفها بأنها “صمام الأمان للمواطنين في هذه المنطقة الحيوية”.

ويشدد خبراء في الشأن الأمني والاقتصادي على أن تجربة حضرموت أثبتت أن الإرهاب والفوضى وجهان لعملة واحدة والانتصار العسكري وحده لا يكفي، والمطلوب اليوم ترسيخ الأمن وتحسين الخدمات وتنفيذ مشاريع البنية التحتية، وحصول حضرموت على كامل حقوقها مسألة جوهرية، حتى لا تُترك عرضة للتهميش والابتزاز، ولتبقى نموذجًا للاستقرار والتنمية بعد أن كانت ساحة لأخطر فروع القاعدة في العالم.”

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button
en_USEnglish