مقالات الرأي

مُدمّر اليمن ومُضيّع اليمنيين7

بقلم: محمد أحمد بالفخر

سأستكمل هذا الأسبوع ما أخبرني به صديقي رجل الاعمال النبيل حول موضوع القات وابتلاء القادة السياسيين به فقال عندما كنت طالباً في جامعة صنعاء عام 1980انتخبت عضواً في قيادة اتحاد الطلاب ودعينا للقاء رئيس الجمهورية ضمن لقاءاته على مائدته الرمضانية وكالعادة بعد تناول طعام العشاء تم توزيع القات، فاعتذرت عن استلامه فقال من كان بجانبي هذا من الرئيس ولازم تجامله وتخزّن فقلت لزميلي أنا لي موقف من القات ولن أجامل أحداً حتى ولو كان رئيس الجمهورية،

وقال حصلت لي قصة أخرى عندما شاركت في الاشراف على احدى الدوائر الانتخابية للمجالس التعاونية في احدى المحافظات خارج صنعاء وكان المتنافسين عليها شخصيتين قبليتين وبعد انتهاء الفرز وفوز أحدهما دعانا الفائز لتناول طعام الغداء في بيته،

وبعد الغداء رمى الشيخ حزمتي قات كبيرتين لزميليّ أعضاء اللجنة أحدهما عقيد والآخر وكيل وزارة ورمى لي بالثالثة، فأخذتها ورميتها اليه وقلت له ما أخزن وإذا بالمجلس يصيح في صوت واحد كأنه لدغهم ثعبان أو كأنني ارتكبت خطاءً جسيماً، عيب ترجعها للشيخ فقلت لهم أنا ما أخزن قالوا ولو عيب ترجعها، فقام أحد الحاضرين متداركاً الأمر يعتذر للشيخ أن هذا الشاب مش من هانا ولا يعرف العادات والتقاليد فامسحها في وجهي،

فعاد الشيخ ورماها اليّ ثانيةً فأخذتها وتركتها بجواري حتى غادرنا المجلس ولم ينجحوا في زحزحتي عن موقفي،

وقال ايضاً حصلت قصة أخرى مع أحد المحافظين ويبدو أنه كان مكلّفاً بإيقاعه في شباك التخزين كخطوة لها ما بعدها،

فقال له المحافظ ذات يوم أنا مشتاق للزربيان وعازم نفسي اليوم ومعي ثلاثة وكلاء نتغدى عندك فقلت له تشرفونا على الرحب والسعة،

وبالفعل جاءوا مع مرافقيهم وبعد الغداء قال لي الوكيل أين القات؟ ما يصير غداء بدون قات فقلت له ولا يهمكم فأعطيت أحد الشباب مبلغاً من المال فقلت اشتري قات لهم، الوكيل كان على مقربة مني ويشاهد كم أعطيت الولد، فقال أيش هذا المبلغ؟

قلت ماله قال هذا لا يكفي ضاعفه أربع مرات على الأقل، أحرِجت منهم ودفعت وعاد الولد بالقات وعندما همّوا بالتعاطي قال لي المحافظ هيّا خزّن معنا فقلت لا يمكن وأنت تعرف موقفي من القات،

قال عيب نحن في بيتك نخزّن وأنت لا تخزّن على الأقل جاملنا، فقلت أنا موقفي من القات معروف من صغري ولن أحيد عنه،

حلف باللهّ أن أخزّن اليوم من أجلهم وكرر نحن ضيوفك، فقلت على العين والرأس والبيت بيتكم لكنني لن أخزن،

فقام غاضباً أنت تطردنا من بيتك بطريقة غير مباشرة ولهذا لن نقعد في بيتك، وشاركه الوكلاء بطريقة جادة وليس مزحاً كما ظننت في البداية،

فانصرفوا جميعاً وودعني المحافظ وهو يتمتم بالقول أنت رأسك يابسة،

هنا تبين لي أنه كان مُكلّفاً من جهة ما لإيقاعي في براثن القات،

وهكذا هي سلوكيات من يطلق عليهم رجال الدولة،

لإنهم يعلمون علم اليقين أن القات هو وسيلة تدمير للقيم والأخلاق فلهذا هم حريصين على انتشاره،

وقال أيضاً حصلت له عدّة لقاءات على مدى سنوات متباعدة مع الرئيس وبحضور شخصيات كبيرة وفي كل مرة كنت أصرُّ على موقفي برفض التعاطي، حتى في آخر لقاء جمعني به قال لي عادك مُصِر على عدم التخزين قلت له نعم هذا موقف فقال ضاحكاً لا أنت يعجبك تجمّع الفلوس ريال فوق ريال وتقول لنا موقف،

هذه القصص والمواقف التي أفادني بها الأخ الكريم النبيل نستفيد منها أن بإمكان الانسان مهما كانت المغريات حوله كثيرة ومهما كان حجم الشخصيات الكبيرة التي تحاول جرّه إلى مستنقعهم إلاّ أنه بإمكانه أن يكون له موقفاً حاسماً في كل أمر وخاصة في موضوع القات الذي يدرك الكثيرين مدى ضرره الكبير وأنه ليس له نفعاً بحال من الأحوال مهما حاول الموالعة تزيينه للآخرين فما هذا إلاّ كمثل الشيطان الذي يزيّن لأتباعه سوء أعمالهم من فعلٍ للمنكرات والتمادي فيها ليبقيهم في دائرته أطول فترة زمنية ممكنة،

وهكذا هو حال مدمني القات كحال مدمني الخمور والمخدرات وغيرها سيعددون لك من المنافع والايجابيات لهذه الشجرة الملعونة ما لا يحصى ولا يعد،

نسأل الله السلامة والعافية.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button
en_USEnglish