أهم الاخبارتقارير وتحقيقات

ساحل حضرموت.. من قبضة الإرهاب إلى شريان أمني واقتصادي نابض

المكلا – خاص – حضرموت نيوز 

لطالما كان ساحل حضرموت شريانًا اقتصاديًا مهمًا لليمن، بما يملكه من موانئ استراتيجية على بحر العرب، وارتباطه بحركة التجارة الإقليمية والدولية. إلا أن هذا الشريان كاد أن يتوقف تمامًا خلال السنوات التي خضع فيها لسيطرة تنظيم القاعدة، حيث تحولت الموانئ إلى مناطق شبه معطلة، والمواطنون إلى رهائن للخوف، والحركة التجارية إلى ذكرى بعيدة.

في تلك الفترة، لم يكن الخطر مقتصرًا على حياة المدنيين فحسب، بل كان يهدد أمن الملاحة البحرية، ويعزل حضرموت عن محيطها الاقتصادي والسياسي. غابت الدولة، وتوقفت المرافق الحيوية، وتراجعت كل مؤشرات التنمية، بينما كان التنظيم يفرض سيطرته المطلقة.

لكن نقطة التحول الكبرى جاءت مع عملية التحرير التي قادتها قوات النخبة الحضرمية بدعم مباشر من دولة الإمارات العربية المتحدة. لم تكن العملية مجرد طرد لعناصر القاعدة، بل كانت إعادة رسم لخارطة الأمن والسيطرة في المنطقة. فقد نجحت القوات في إحكام قبضتها على الموانئ والمواقع الاستراتيجية، وضمان عدم عودة التهديدات الإرهابية.

منذ ذلك اليوم، تحولت قوات النخبة من قوة مخصصة لمكافحة الإرهاب إلى حارس للموانئ وحامي للحركة التجارية، ما سمح بعودة النشاط الاقتصادي تدريجيًا. الموانئ استعادت نشاطها، والشاحنات عادت تنقل البضائع، والمستثمرون بدأوا في العودة مستفيدين من الاستقرار الأمني الذي تحقق.

عودة الحكومة إلى ساحل حضرموت بعد غياب طويل كانت واحدة من أبرز النتائج المباشرة لهذا التحول. فقد تمكنت من إعادة تشغيل المؤسسات، وتنشيط الخدمات، واستعادة قدرتها على إدارة هذه المناطق. ومع تحسن الأوضاع الأمنية، شهدت الأسواق المحلية انتعاشًا ملحوظًا، وبدأت عجلة الاقتصاد في الدوران من جديد.

الدور الإماراتي كان محوريًا في هذا التحول؛ فالدعم اللوجستي والتدريب والتجهيز الذي قدمته أبوظبي لقوات النخبة الحضرمية ساهم في بناء قوة أمنية منظمة قادرة على حماية المكتسبات. هذه الشراكة الأمنية لم تقتصر على الجانب العسكري فحسب، بل شملت جوانب إنسانية وتنموية ساعدت على ترسيخ الاستقرار.

إن تجربة حضرموت تقدم درسًا واضحًا: الأمن هو الأساس الذي تُبنى عليه التنمية. فحين يتوفر الاستقرار، تعود الحكومة، وتنتعش التجارة، ويستعيد المواطنون ثقتهم بالمستقبل. واليوم، بعد أن استعادت حضرموت سواحلها، باتت أمام فرصة تاريخية لتحويل هذا الأمن إلى نهضة اقتصادية مستدامة، شريطة استمرار الحماية والدعم، ومنع أي محاولة لعودة قوى الفوضى والإرهاب.

هذا التحول ليس إنجازًا محليًا فحسب، بل هو نموذج يمكن أن يُحتذى به في مناطق يمنية أخرى، لتأكيد أن استعادة الأمن هي الخطوة الأولى نحو استعادة الدولة.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button
en_USEnglish