حكومة الشرعية تبحث عن شماعة.. والتجار الحضارم ليسوا ميدانًا للتهريج

خاص – حضرموت نيوز
في زمن الانهيار الاقتصادي، يظهر المسؤولون فجأة بكلمات رنانة وشعارات منمّقة، يلوّحون بها أمام الكاميرات وكأنهم يخوضون معركة ضد “الشرّ الأكبر” المتمثل – في نظرهم – بالتجار.
اليوم، وقف رئيس الوزراء على منبر وزارة الصناعة بعدن، يهدّد ويتوعّد: “لن نترك المواطنين لجشع التجار”.
لكن السؤال البسيط الذي يهرب منه: من ترك المواطنين أصلًا؟، ومن أوصل العملة إلى هذا الانهيار؟، ومن تسبّب في أن يصبح لقمة العيش رهينة السوق السوداء؟
نسي أو تناسى دولة الرئيس أن التجار الحضارم هم من أقرضوا الدولة، وضخوا أموالهم من جيوبهم لإنقاذ حضرموت عندما كانت الحكومة تتفرج. هؤلاء التجار لم ينتظروا “تعليمات” ولا “خطابات استعراض”، بل تحركوا بالفعل، في حين كان وزراء الحكومة يتقاسمون التصريحات والاجتماعات الفارغة.
المفارقة المضحكة – المبكية – أن الحكومة اليوم تُحمّل المسؤولية على من سدّوا عجزها، وتنسى المديونيات الضخمة المستحقة لهؤلاء التجار، والتي لو سُددت، لأعادوا ضخّها في السوق المحلي، ولشهد المواطن انخفاضًا حقيقيًا في الأسعار. لكن يبدو أن الحكومة ترى أن ردّ الجميل يكون بالتحريض لا بالسداد.
تجار حضرموت ليسوا طلاب مناصب ولا باحثين عن شهرة، هم أهل صدق وأمانة، يشهد لهم التاريخ والواقع. حتى أن معاوية أو عمرو بن العاص – رضي الله عنهما – حين سُئل: “من تجعل على القضاة وبيت مال المسلمين؟” قال: “اجعل عليها حضرميًا فإنهم أهل صدق وأمانة”.
لكننا اليوم نرى حكومة تحاول أن تصنع منهم أعداءً، في مسرحية هزيلة لا تنطلي على طفل.
وغدًا، حين يقفز الدولار مجددًا، ويختفي “البطل الكرتوني” من المشهد، سيُترك المواطن ليواجه الغلاء، وسيبقى المخلصون من تجار حضرموت يلاحقون حقوقهم المسلوبة، بينما الحكومة تنشغل بتصوير زياراتها الميدانية وكتابة خطاباتها النارية على تويتر.
الأزمات لا تُحل بالتدريج البطيء، ولا بالاستعراض الإعلامي، ولا بتوزيع التهم على الشرفاء. الحل في أيدي أهل الاختصاص والخبرة، لا في أيدي المهرجين السياسيين الذين يرون في الأزمات فرصة لركوب الموجة.
فليتوقفوا عن بيع الوهم، ولينظروا في المرآة، قبل أن يلقوا محاضرات في الأخلاق على من أنقذوا هذا الوطن أكثر من مرة، بصمت وبدون ضجيج.