
بقلم: سالم بامؤمن
يطلّ علينا عمرو بن حبريش بدور يتجاوز حدود السياسة والعمل العام، ليقترب شيئًا فشيئًا من نمط الزعامات المتطرفة التي صنعت الفوضى، فالرجل يعكف في زاوية الوهم، ويهيّج الجماهير على فتنة ظنّ أنه سيقودها منتصرًا، متجاهلًا أن نهايات اللعب بالنار معروفة سلفًا.
بن حبريش، الذي يفترض به أن يكون أحد ضامني الاستقرار بصفته جزءًا من تركيبة السلطة المحلية، تحوّل إلى مصدر مباشر للقلق الشعبي، ومحرك خفي لمجاميع عنف لا تتورع عن تعطيل الحياة، وإغلاق الطرقات، وتهديد السكينة.
لا أحد يختلف على سوء الأوضاع في حضرموت، لكن لا أحد عاقل يقبل بأن تتحوّل مطالب تحسين الكهرباء أو تخفيض الأسعار إلى شماعة للفوضى، يرعاها “شيخ” يدّعي القيادة، ويغذّي تحت الطاولة مشاهد التخريب، و”يتبرأ” منها أمام الكاميرات. وما اعترافات أذرعه، كتصريحات الوليد بن شملان الأخيرة، إلا دليل إضافي على حجم التورط، ووضوح النوايا.
نحن أمام مشروع “فتنة” متكامل، مشروع يخلط الدين بالقبلية، ويستخدم الواجهة الشعبية كغطاء لتحركات مريبة، تؤدي في المحصلة إلى ضرب مؤسسات الدولة، وتهديد النسيج الاجتماعي الحضرمي، وتمزيق ما تبقى من ثقة بين الناس وقياداتهم.
إن السكوت عن هذا النهج، وترك الأمور تنحدر أكثر، سيُدخل حضرموت في نفق مظلم. فالمحافظة ليست بحاجة إلى وجه آخر للفوضى، بل بحاجة إلى رجال دولة، وقادة وطنيين يُخرجون الناس من أزماتهم، لا من منازلهم.
على السلطات المحلية، وعلى القوى الوطنية، أن تضع حدًا لهذا التلاعب الممنهج بمشاعر البسطاء، وأن تتعامل بصرامة مع من يسوّق نفسه كمنقذ وهو في حقيقته مجرّد مشعل حرائق محترف.
فالتاريخ لا يرحم، وحضرموت لن تنسى من أطلق الرصاص على سلمها الأهلي، ومن استخدم مطالبها العادلة كوقود لمعركة عبثية، سيكون أول المحترقين بها.