أهم الاخبارتقارير وتحقيقات

وعي حضرموت يسقط مؤامرة “ساعة الصفر”: درس من قلب الأزمة

كتب: أحمد النهدي

في ليل حضرموت الذي أغرقته العتمة، لم يكن انقطاع الكهرباء لأكثر من أربع وعشرين ساعة مجرد عطل فني عابر، بل كان بمثابة “ساعة الصفر” لانطلاق مؤامرة دُبرت بليل، هدفها جر المحافظة إلى مستنقع الفوضى والانقسام. لقد كشفت تلك الساعات المظلمة عن خيوط مخطط مدروس بعناية، أُريد له أن يفرض واقعًا سياسيًا جديدًا يُدار من خلف الستار.

كانت الذرائع المعلنة براقة، لكن الهدف الحقيقي كان أكثر قتامة: تنفيذ أجندات تخريبية، وخلق فراغ مؤسسي يسمح لأطراف لا تريد الخير لحضرموت بالهيمنة على مقدراتها. لقد سعت هذه الأطراف إلى استغلال الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها المواطن، من غلاء للوقود وتدهور للعملة، لتحويل حالة الاحتقان الشعبي إلى فوضى عارمة من خلال حملات تحريض إعلامي منظمة، ودعوات لاقتحام مؤسسات الدولة.

لكن حسابات المتآمرين لم تتطابق مع واقع الميدان. فقد واجه أبناء حضرموت هذه الاستفزازات بوعي جماعي لافت، وأظهرت النخب السياسية والمجتمعية مسؤولية تاريخية، حيث حافظت على تماسك مؤسسات الدولة ورفضت الانجرار نحو العنف، مفوتةً الفرصة على من حاول إشعال الفتنة بترويج أكاذيب وشائعات، مثل مزاعم مقتل متظاهرين على يد قوات النخبة.

لقد سقطت الأقنعة بسرعة مذهلة. فالشعارات التي رُفعت تحت عناوين “استعادة الحقوق” و”محاربة الفساد” لم تكن سوى غطاء لمشروع استئثار وسيطرة، غايته الحقيقية ليست خدمة حضرموت، بل نهب مواردها وتمكين أدواته من السلطة والمال.

اليوم، وبعد أن فشل المخطط، تجد تلك المكونات نفسها معزولة سياسيًا ومجتمعيًا. لقد خسرت تحالفاتها الداخلية، وفقدت مصداقيتها أمام الشرعية بانحرافها عن مسار المعركة الوطنية الحقيقية، كما خسرت أي غطاء دولي يمكن أن يعيدها إلى المشهد، نتيجة قصر نظرها وسوء تقديرها.

إن ما حدث في حضرموت يقدم درسًا بليغًا: فهذه الأرض لا تُحكم بالعنتريات، ولا تنحني أمام مؤامرات الفوضى. لقد أثبتت هذه الأزمة أن حضرموت لا تثق إلا بأبنائها المخلصين والعقلاء، الذين يضعون مصلحة وطنهم فوق كل اعتبار. وقد تجلى هذا بوضوح في حكمة قيادة السلطة المحلية التي أدارت الأزمة طوال عام كامل، فجنّبت المحافظة شبح المواجهة، وحافظت على مكتسباتها، وعملت بصمت على إيجاد حلول مستدامة لأزمة الوقود والكهرباء.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button
en_USEnglish