من مفكرتي: أوجاع جنوبية!

بقلم: علي سالم بن يحيى
(١)
تظل كلمات الفقيد الغالي الأستاذ القدير أحمد رويس عوض، نائب مدير عام مكتب التربية والتعليم في محافظة شبوة الأسبق، ترن في أذاني رغم مرور عشرات السنين عليها.
كنا في شهر أبريل 1997م، أثناء التحضير للانتخابات النيابية، وأصدرت بمعية أخي الغالي الفقيد ناصر ثابت العولقي، نشرة “المقاطعة“، الداعية لمقاطعة الانتخابات الرامية لاستبعاد الجنوب من طرف المعادلة السياسية، كانت سبعة أعداد فقط كتبتها بخط يدي، وتم تصوريها عن طريق آلة التصوير العادية على ورق (A4)، ونوزعها مجاناً. قابلت أستاذي القدير أحمد رويس، وكانت النشرة بيدي، ولديه نسخة منها، بداية شكرنا على جهدنا، ثم شدد عليّ، بضرورة الاحتفاظ بالنشرة وتوثيقها، للتاريخ!!.
ضحكت في قرارة نفسي، وقلت: ” أستاذي العزيز، يمكن يريد الرفع من معنوياتي، فماذا سنفعل بنشرة بسيطة، متواضعة، كي نحتفظ بها”! ولم اكترث بنصيحته تلك.
صراحة، كانت النشرة قوية بكلماتها، وحملت تحديّاً للسلطات بالدعوة لمقاطعة الانتخابات (رغم أنف السلطة)، وقبيل إصدار العدد الأخير منها، ليلة 27 أبريل، تواصل نائب مدير الأمن السياسي في المحافظة صالح لمروق، مع عمي، وابلغه إن هناك تعليمات أتت من صنعاء، بالقبض على ابن أخيك (علي، وصديقه ناصر ثابت)، ومن الضروري أن تحذره بعدم إصدار أي منشورات غيرها.
اخبرني عمي، وطلب مني عدم الكتابة، لكن حب الصحافة، والإيمان العميق بالنضال الشريف، ولو بالقلم، كان غالباً، وتواصلت مع العزيز ناصر ثابت، والتقينا، واصدرنا العدد، وكانت الصفحة الأخيرة موشحة بالسواد وكتبنا:
” 27 أبريل يوم أسود في تاريخ الديمقراطية في اليمن”!.
مرّت السنوات تباعاً، وحملت رياحها المتغيرات والمؤثرات، وظللنا على النهج ذاته، مع القضية النبيلة العادلة، قضية البسطاء، الشرفاء، لا قضية (الجيوب)، ومن يترزقون على حساب دماء المقهورين، ولم نركب موجة حب السلطات والتقرب منها، ودفعنا الثمن غالياً، لأن من يعارض السلطة لن تكون طريقه مفروشة بالورود.
في وضعنا الجنوبي الحالي (السيء)، وتصدر مشهده بعض (الإمعات)، ومن أتت بهم الصدفة، تذكرت ما قاله أستاذي العزيز الفقيد أحمد رويس عوض، بضرورة التوثيق للتاريخ، حيث كنا هناك في وقت كان فيه كثير من (الرجال) يرتعدون خوفاً، وآخرون رموا أنفسهم في أحضان (الحصان)، وغيرهم مازالوا يبحثون عن حفاظات (البامبرز)!
ولم نساوم، ولم نخضع، ونهادن، وما زلنا على العهد، ومع الحق، ومع الجنوب وقضيته العادلة، وليس مع (الأصنام) والانتهازيين!.