مقالات الرأي

الشرعية “تستهدف” القبيلة، والخوثي “يدلِّعها”:

بقلم: نبيل سبيع:

لماذا تم حرف مسار قضية إحتجاز عضو المجلس السياسي لجماعة الخوثي الشيخ محمد الزايدي في المهرة من كونها قضية إحتجاز لقيادي خوثي يساهم في القتال والتحشيد لحروب الجماعة الإمامية ضد اليمن واليمنيين إلى كونها قضية إستهداف لقبيلة خولان والقبيلة اليمنية عموماً؟ هذا الأمر غير صحيح وغير سليم بالمرة.

لم يتم إعتقال الزايدي لأنه شيخ قبيلة، بل لأنه يقاتل ويحشد القبيلة لمصلحة حروب الحركة الإمامية ضد أبناء جلده وبلده وضد بلده ككل. هناك الكثير من مشائخ خولان ومناطق الشمال عموما يسافرون عبر المهرة ومنافذها دون أن يوقفهم أو يعتقلهم أحد لأنهم ببساطة لا يقومون بما يقوم به الزايدي من تحشيد وقتال للدولة المسيطرة على هذه المنافذ.

لا أحب رؤية يمني يُعتقل، ولم أكن أتمنى حدوث إحتجاز الزايدي تحاشياً لتبعات ذلك فقط، لكني أتفهم هذا الإحتجاز ولا أراه كما يصفه الخوثيون والبعض من خارج دائرة ولائهم بأنه “تصرف عصابات”. على العكس، كان تصرف الجهات الأمنية في منافذ المهرة تصرف دولة طبيعياً مع أحد الخارجين عليها الذين يقاتلونها ويحشدون لقتالها علناً وبكل صراحة.

الخوثي أهان ونكل بشيوخ القبائل في الشمال كبيرهم وصغيرهم، اعتقل أبناءهم أو قتلهم، وأعتدى على عائلاتهم، وفجر بيوتهم بعدما نهبها، ولم يتحدث أحد عن أن هذا يمثل استهدافاً للقبيلة! شقيق الشيخ الزايدي نفسه في سجون الخوثي منذ ثلاث سنين في الوقت الذي استمر أخوه و”كبير قومه” في التحشيد لحروب الجماعة! وغير شقيق الزايدي، هناك العشرات بل المئات من مشائخ الشمال الكبار والصغار الذين تعرضوا ويتعرضون لإساءات وإهانات الخوثي وصولاً إلى التنكيل بهم، وهو الأمر الذي لم يبدأ من اليوم ولا من بضع سنوات مضت بل بدأ منذ انطلقت الحركة الإمامية كحركة مسلحة في صعدة. فلماذا لم يتم النظر إلى إعتداءات وإنتهاكات هذه الحركة لشيوخ القبائل والمجتمع القبلي بشكل عام على أنه إستهداف للقبيلة كما تم التعامل مع قضية إيقاف وإحتجاز سلطات الشرعية في المهرة للشيخ الزائدي؟

في الواقع، لقد أدهشني نشطاء الخوثي وذبابه الإلكتروني، كعادتهم، في التعامل مع قضية احتجاز الشرعية للشيخ الزائدي. دافعوا بشراسة وبعاطفة جياشة عن الرجل وكأن شقيقه قابع في سجون جماعتهم منذ ثلاث سنين بمحض إرادته لتحضير رسالة الماجستير حول “جماليات ممارسة الصرخة في الزنزانة”! ووصفوا إحتجاز الشرعية للرجل بأنه “تصرف عصابات” على أساس أن جماعتهم دولة مؤسسات وقانون لم تعتقل أحداً قط خارج القانون والدستور والأعراف! وأكثر من هذا وذاك، ركزوا على وصف هذا الاحتجاز بأنه إستهداف للقبيلة وكأن الخوثي لم يستهدف شيخ قبيلة واحد بالاحتجاز ولا بالقتل والتنكيل ونهب الممتلكات وتفجير البيوت!

ماذا أقول في مواجهة هذا التناقض، بل هذا الفصام؟ حقيقةً، لا أجد الكلمات.

سأقول فقط، في نهاية المطاف، أعتقد أنه من إنعدام المسؤولية والإنصاف والنزاهة التعامل بمكيالين: التعامل مع إحتجاز عادي لشيخ قبلي بأنه استهداف لقبيلته رغم أنه لم يحتجز لأنه شيخ قبيلته ولا “كبير قومه” بل لأنه قيادي سياسي و”عسكري” خوثي كبير مطلوب للأجهزة التي وقع في أيديها. والتعامل مع تنكيل الخوثي لعشرات بل مئات المشائخ مع عائلاتهم (بدون ذنب أقترفوه سوى أنهم رفضوا القيام بالتحشيد الذي يقوم به الزايدي) بأنه ليس إستهدافاً للقبيلة من قريب ولا من بعيد. على العكس تماماً، يشعرونك أن الخوثي “جالس” “يحَمِّم” القبيلة ويعمل لها “مساج”!
(نبيل سبيع)

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button
en_USEnglish