اطردوا حزب الإصلاح من مجلس القيادة الرئاسي

بقلم: مايكل روبن*
قبل أكثر من ثلاث سنوات ونصف، حذر المجلس الانتقالي الجنوبي – الكيان السياسي الذي يدير فعلياً معظم جنوب اليمن ويُعد القوة القتالية الأشد فاعلية في الحرب ضد الحوثيين ضمن صفوف الحكومة المعترف بها دولياً – من أن أمجد خالد، القائد السابق للواء النقل اليمني، متورط في أنشطة إرهابية.
كان خالد متحالفاً مع حزب الإصلاح اليمني، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في البلاد. ورغم التحذيرات، رفض الدبلوماسيون والمسؤولون الدوليون مراراً النظر في الأدلة التي تشير إلى تورط خالد في الإرهاب، مفضلين بدلاً من ذلك التمسك بفكرة أن “الإصلاح” يمكن أن يكون طرفاً مسؤولاً في مستقبل اليمن السياسي.
وبهذا، أعادوا ارتكاب نفس الخطأ الذي ارتكبوه سابقاً عندما تبنّت الأمم المتحدة والولايات المتحدة مقاربات ملتوية لمنع الاعتراف بأن بعض “الشركاء” في الصومال كانوا يعملون يداً بيد مع حركة الشباب.
العمى المتعمد يقتل
فبعدم الاعتراف بأنشطة خالد ودوره المحوري في الربط بين القاعدة والحوثيين، قوّضت الأمم المتحدة وشركاؤها الغربيون ثقة اليمنيين بالحكومة المعترف بها دولياً وبمجلس القيادة الرئاسي. وبينما يواصل وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، ثم ماركو روبيو، الترويج لفكرة “الوحدة الوطنية” تحت مظلة واحدة، فإن تجاهلهم لوجود “حصان طروادة” داخل الحكومة يجعل من هذه الوحدة أمراً شبه مستحيل.
قضية أمجد خالد الغريبة
يمثل أمجد خالد تجسيداً لمشكلة أكبر. فقد وُلد في عدن، وقاتل في صفوف المقاومة الجنوبية لتحرير عدن من الحوثيين عام 2015.كافأه الرئيس عبدربه منصور هادي
بتعيينه قائداً للواء النقل العام، ثم رُقّي إلى رتبة عميد بعد تحرير عدن ودمج قوات المقاومة الشعبية في الجيش الوطني.
لكنه سرعان ما أظهر ولاءه لـ”الإصلاح” والإخوان المسلمين على حساب اليمن نفسه. ففي عام 2019، فرّ خالد إلى مدينة التربة الواقعة على بُعد 45 ميلاً جنوب تعز، أثناء مواجهات مع قوات المجلس الانتقالي الجنوبي، وحظي هناك بحماية من حزب الإصلاح الذي يسيطر على المدينة حينها. وخلال تلك الفترة، بدأ خالد بتنسيق هجمات ضد القوات الجنوبية.
وفي تلك الأثناء، بدأ عناصر تابعون لتنظيم القاعدة بالقدوم إلى التربة وبعض مناطق الحجرية للعمل مع خالد والإصلاح.
قبل فترة وجيزة اعتقل “الإصلاح” أمجد خالد بشكل مؤقتا، ونهبوا منزله بحسب مزاعمه، فخرج بفيديو يهددهم بأنه يمتلك تسجيلات لاجتماعات تُثبت علمهم وتنسيقهم مع تنظيم القاعدة في جزيرة العرب.
الملاذ الآمن الذي وفره الإصلاح لأمجد خالد كان قاتلاً
بين عامي 2021 و2023، يُعتقد أن أمجد خالد قاد عدداً من الاغتيالات والتفجيرات في اليمن، منها الهجوم على مطار عدن الدولي، ومحاولة اغتيال محافظ عدن أحمد لملس. وأشار الموقوفون بعد تفجيرات أكتوبر 2021 في عدن إلى تورط خالد بشكل مباشر، ورغم ذلك لم يتحرك الرئيس هادي، ولا خلفه رشاد العليمي في البداية.
وفي مارس 2022، يُقال إن خالد أشرف على عملية تفجير سيارة مفخخة اغتالت اللواء ثابت جواس، قائد اللواء 131 مشاة، في عدن.
كما قتلت خليته بعد ذلك موظفاً في برنامج الغذاء العالمي يدعى معياد حميدي، وهو مواطن أردني، في مدينة التربة، في عملية يُعتقد أنها كانت تهدف لضرب ثقة المنظمات الدولية في المناطق غير الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
إدانته متأخرة جداً
لم يُعفَ خالد من منصبه كقائد للواء النقل إلا في فبراير 2024، ثم بعد تسعة أشهر، حكمت عليه المحكمة الجنائية المتخصصة في عدن بالإعدام غيابياً. ويُعتقد أنه لا يزال تحت حماية “الإصلاح” أو يقيم في سلطنة عمان.
وعلى الأمم المتحدة، والولايات المتحدة، والدول العربية المعتدلة أن تمارس الضغط لتسليمه.
لكن القبض على خالد وحده لن يجلب السلام إلى اليمن. فالعلاقة الوثيقة التي جمعته بحزب الإصلاح تثير علامات استفهام خطيرة حول استمرار هذا الحزب في التواجد داخل مجلس القيادة الرئاسي. الإدانات التي تصدر الآن متأخرة جداً، وتبدو أقل صدقاً وأكثر حرصاً على تفادي المساءلة.
كما أن خالد ليس استثناءً، بل يبدو الآن أنه بات يمثل القاعدة السائدة وليس مجرد حالة شاذة.
شبوة تحت حكم الإصلاح: ساحة للقاعدة والحوثيين
في محافظة شبوة التي كانت مضطربة سابقاً، وتحديداً في مدينة عتق، كان الوضع حتى وقت قريب خطيراً. قبل عام 2022، كان محمد صالح بن عديو – أحد الموالين للإصلاح – محافظاً لشبوة، وعيّن عناصر إصلاحية في مختلف إدارات المحافظة. وبسبب المال أو الأيديولوجيا أو كليهما، سهل وجود الحوثيين والقاعدة في المحافظة، وحوّلها إلى ممر لتهريب الأسلحة القادمة من البحر أو من عمان، في اتجاه الحوثيين أو القاعدة أو كليهما.
الإصلاح كان حصان طروادة داخل اليمن، خلال زيارة كاتب المقال إلى مدينة عتق الأسبوع الماضي، لاحظ تحسناً ملحوظاً في شبوة: المدينة هادئة ونظيفة، ويغمرها تفاؤل غير مسبوق. هناك محطة طاقة شمسية على وشك الاكتمال، المطار أعيد تشغيله، الطرق الرئيسية معبدة، والوضع الأمني مستقر بما يكفي للتجول ليلاً دون خوف.
ولا يمكن قول الشيء نفسه عن محافظة حضرموت التي لا تزال تحت تأثير “الإصلاح”، حيث لا تزال أنشطة الإرهاب والتهريب مزدهرة.
ومع استئناف الحوثيين لهجماتهم على السفن في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، فقد حان الوقت لاعتبار الجهات الداعمة لهم إرهابية أيضاً، وليس الحوثيين فقط.
الواقع يتغلب على الوهم
شجع المجتمع الدولي على تشكيل مجلس القيادة الرئاسي بهدف إحلال السلام في اليمن. كانت الفكرة بسيطة: “خيمة كبيرة” تعني مشاركة أكبر ومشروعية أوسع. لكن عملياً، أدى إدخال “الإصلاح” في المجلس إلى تمكين الجماعات الإرهابية من التغلغل داخل مؤسسات الدولة، وتقويض جهود التعافي ومكافحة الحوثيين والقاعدة.
وكما أخطأ بلينكن بإلغاء تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية بناءً على الأماني لا الحقائق، كرر ماركو روبيو الخطأ ذاته حين تجاهل واقع الحوثيين لصالح الأوهام.
إذا كانت الولايات المتحدة والمجتمع الدولي يأملون في تحقيق الاستقرار في اليمن، فقد حان الوقت لوضع حد للدعم غير المباشر للإرهاب الذي يمثله “الإصلاح”، وهو ما تؤكده قضية أمجد خالد.
* صحيفة الناشيونال انترست جورنال الامريكية.