مقالات الرأي

الاستقواء بالقبيلة في زمن الدولة: هل تتكرر مأساة اليمن في حضرموت؟

بقلم: د. فائز سعيد المنصوري:
من يتابع ما يجري في هضبة حضرموت بقيادة رئيس حلف قبائل حضرموت، يدرك أن الباب يُفتح على مصراعيه أمام صراع حضرمي–حضـرمي لا تُحمد عقباه. فلمن تُبنى هذه القوات التي يدربها بن حبريش؟ وعلى أي أساس يتم تشكيلها؟ إذ إنه يقدّم نفسه كشيخ قبلي، لا كجهة رسمية مخوّلة من السلطة المحلية للقيام بهذا العمل العسكري بالغ الخطورة.

فإن كان من المقبول أن يُشكّل بن حبريش قوات في الهضبة تحت شعار “الإدارة الذاتية وتحرير حضرموت”، فهل سيُسمح لمن يظهر مثله في وادي حضرموت أن يفعل الشيء نفسه تحت الذريعة ذاتها؟ لا سيما أن هناك مكونات قبلية في الوادي تضاهي حلف قبائل حضرموت، فضلًا عن مكونات سياسية قد تتبنى تشكيل قوة أمنية تحت أي شعار أو ذريعة. فهل سيقبل أبناء حضرموت بذلك؟ وهل من مصلحتهم أن تتحول محافظتهم إلى ساحة مفتوحة لتصفية الحسابات السياسية على حساب أمنهم واستقرارهم؟ وهل يرضى الدكتور رشاد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي، أو محافظ حضرموت، بهذا التصرف؟ أم يُعد ذلك خروجًا صريحًا على سلطة الدولة، وانحرافًا خطيرًا عن المسار الوطني الجامع؟

إن ما يحدث لا يخدم أبناء حضرموت مطلقًا، بل يخدم خصوم الدولة، وعلى رأسهم الحوثي، الذي لا يريد لحضرموت أن تبقى ضمن إطار الشرعية، بل يسعى لتفتيتها وتشتيت قرارها. ومن هذا المنطلق، فإن الخطاب موجَّه إلى أبناء حضرموت الغيورين على أرضهم وكرامتهم: خذوا على يد من يعبث بأمنكم باسمكم، ويرفع شعار “الإدارة الذاتية”، بينما هو في الحقيقة يدفع بحضرموت نحو صراع داخلي لا حاجة لها به ولا مصلحة.

ولا بد هنا من توصيف هذا الفعل الذي يقوم به بن حبريش توصيفًا شرعيًا من قبل العلماء، وقانونيًا من قبل القضاء، والعمل الجاد لإلزامه ومن معه بما يخدم مصالح أبناء حضرموت، بعيدًا عن نزعات التفرد واحتكار القرار.

وإذا كان لا بد من تشكيل قوة أمنية باسم الحضارم، فيجب أن تكون تحت مظلة الدولة اليمنية الشرعية، لا بيد شيخ قبلي يسعى لبناء نفوذ شخصي وتكريس سلطة عشيرته تحت غطاء “حقوق حضرموت”. فأبناء حضرموت ليسوا سُذّجًا حتى لا يدركوا التحولات التي طرأت على هذا الشخص؛ من أين بدأ، وكيف أصبح، وإلى أين يريد أن يصل.

إن حضرموت، بأصالتها وتاريخها وكرامة رجالها، لا تستحق إلا الخير من أبنائها. فهي أرض الأمن والسلام، ويجب أن تبقى كذلك، بعيدة عن أطماع الطائشين ومكايد المتاجرين بطموحاتها.

حفظ الله حضرموت وأهلها من كيد الكائدين، وعبث المتهورين.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button
en_USEnglish