مقالات الرأي

الحرب بين إيران وإسرائيل: الأسباب والسيناريوهات المتوقعة

بقلم: نبهان عبدالله بن نبهان
لا شك أننا جميعاً نتابع عن كثب تطورات الحرب الدائرة حالياً بين إيران وإسرائيل، والتي جاءت بعد تصعيد متواصل شهدته السنوات الأخيرة، اتسم بعمليات متبادلة وتصريحات حادة من الجانبين. لكن ما يميز المرحلة الراهنة هو التغير الكبير في نوعية الأهداف المُستهدفة، ومستوى الخسائر البشرية والمادية، إضافة إلى حجم القوة المستخدمة في المواجهات التي تعد الأعنف منذ سقوط نظام الشاه وقيام الجمهورية الإسلامية في إيران.

لماذا اندلعت هذه الحرب الآن؟

لفهم الأسباب الجوهرية لهذه الحرب، يجب ألا نفصل الأفعال عن الفاعلين الرئيسيين، وعلى رأسهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي أعلن مراراً وتكراراً بشكل واضح وصريح، في محافل محلية ودولية، عن هدفه الأساسي المتمثل بتحييد المحور الإيراني في المنطقة، والذي يضم المليشيات الموالية لإيران في العراق، والنظام السابق في سوريا، وحزب الله في لبنان، إضافة إلى فصائل المقاومة الفلسطينية مثل حماس والجهاد الإسلامي، وصولاً إلى الحوثيين في اليمن.

وقد كان للهجوم النوعي الذي نفذته حركتا حماس والجهاد الإسلامي في قطاع غزة يوم 7 أكتوبر دور محوري في دفع إسرائيل نحو اتخاذ قرار الحرب الشاملة، باعتبارها تهديداً وجودياً لكيانها، ما دفع إسرائيل إلى فتح عدة جبهات قتالية متزامنة وتحييد قوى إقليمية كحزب الله، واستهداف قوي ومكثف للفصائل الفلسطينية في غزة وحتى الضفة الغربية، متسببةً في خسائر بشرية كبيرة.

كما أسهمت المتغيرات الإقليمية والدولية الأخيرة، خصوصاً سقوط النظام السوري الذي ظل حليفاً استراتيجياً لإيران لمدة تتجاوز 50 عاماً، في تعزيز موقف إسرائيل، كون سوريا كانت محوراً رئيسياً لإمدادات حزب الله اللبناني. في ذات الوقت، استغلت إسرائيل فترة المفاوضات الأمريكية الإيرانية لشن عمليات أمنية نوعية استهدفت شخصيات بارزة في المؤسسة العسكرية والأمنية الإيرانية، فضلاً عن اغتيال علماء نوويين بارزين يمثلون موارد استراتيجية لا يمكن تعويضها بسهولة، في اختراق أمني غير مسبوق بتاريخ إيران.

لماذا تستهدف إسرائيل المشروع النووي الإيراني؟

تسعى إسرائيل للحفاظ على تفوقها العسكري والاستراتيجي في الشرق الأوسط، وترفض السماح لأي دولة أخرى في المنطقة بامتلاك قدرات نووية قد تهدد أمنها وتفوقها النوعي. ليست هذه المرة الأولى التي تلجأ فيها إسرائيل للخيار العسكري؛ فقد سبق واستهدفت المشروع النووي العراقي وغيرة في عمليات سابقة، وهي الآن تستهدف:

1. إنهاء المشروع النووي الإيراني عسكرياً.
2. تقويض المشروع الصاروخي الإيراني الذي يشكل خطراً استراتيجياً وفق الرؤية الإسرائيلية.
3. إحداث تغييرات جذرية داخل النظام الإيراني عبر اغتيالات ممنهجة لقادته ورموزه، على أمل إثارة الاضطرابات الداخلية والتسبب في سقوطه، واستبداله بنظام موالٍ للغرب ولإسرائيل.

السيناريوهات المتوقعة للحرب

هناك ثلاثة سيناريوهات رئيسية قد تؤول إليها الأوضاع الحالية:

السيناريو الأول: رضوخ النظام الإيراني، بفعل الضغط والخسائر الفادحة التي يتكبدها، وقبوله بصفقة محدودة مع الولايات المتحدة تتضمن التخلي الكامل عن برنامجه النووي والصاروخي مقابل ضمان استمراره في الحكم، مع الأخذ بعين الاعتبار ضعف إيران النسبي عسكرياً واقتصادياً واستخباراتياً مقارنة بإسرائيل، إلى جانب الحصار الاقتصادي المتواصل وتصاعد المعارضة الداخلية.

السيناريو الثاني: استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية بنجاح وتصاعد وتيرة الاغتيالات مما يؤدي إلى انهيار النظام الإيراني من الداخل، وصعود المعارضة للحكم. لكن هذا السيناريو سيقود المنطقة غالباً إلى مرحلة من الفوضى وعدم الاستقرار على غرار الحالة العراقية بعد سقوط نظام صدام حسين، حيث أثبتت التجارب السابقة أن الانتقال السياسي في مثل هذه الظروف لن يكون سهلاً أو مستقراً.

السيناريو الثالث: تصعيد إيراني كبير يسعى من خلاله النظام لفرض شروط تفاوض أفضل عبر الضغط على الجبهة الداخلية الإسرائيلية واستنزافها. إلا أن هذا السيناريو خطر للغاية وقد يؤدي إلى اتساع رقعة الحرب إقليمياً وعالمياً، وهو رهن بقدرة النظام الإيراني على إعادة تنظيم صفوفه وتأمين مصادر الدعم اللوجستي والعسكري.

ختاماً، هذه أبرز السيناريوهات المحتملة لهذه الحرب المعقدة، مع التأكيد على وجود سيناريوهات أخرى عديدة قد تظهر مع تطور الأحداث، وهو ما سأتناوله في منشورات قادمة.

* باحث في شؤون الأمن الدولي والإقليمي

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button
en_USEnglish