تقارير وتحقيقات

معاناة الحجاج اليمنيين في مشعر منى: الشكوى لغير الله مذلة

منى – خاص – حضرموت نيوز
أثار مشهدٌ التُقط من إحدى مخيمات الحجاج اليمنيين في مشعر منى خلال موسم الحج الأخير ردود فعل غاضبة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أظهرت الصورة أوضاعًا وصفها البعض بـ”المهينة”، ما دفع بالعديد إلى التساؤل عن أسباب هذا التقصير، ومن يتحمل مسؤوليته بالضبط.

ورغم أن البعض فضّل تأجيل الحديث عن الحادثة حتى انقضاء مناسك الحج “حتى لا يُقال إنهم يعكرون صفو جهود الوزارة”، إلا أن تواتر الشكاوى من عدة حجاج دفع ناشطين وإعلاميين إلى طرح القضية للرأي العام، مطالبين وزارة الأوقاف بتفسير واضح وشفاف.

شكاوى متكررة… وصمت رسمي

قال أحد الحجيج: “ما رأيناه لا يليق بحجاج بيت الله، ولا حتى بالحد الأدنى من الكرامة الإنسانية… خيام مكتظة، وخدمات غائبة، ومعاملة غير إنسانية”. وأضاف: “ليست شكوى فردية، بل واقع عايشه العشرات، إن لم يكن المئات”.

وأكد عدد من الحجاج أن معاناتهم لم تقتصر على مخيمات منى فقط، بل شملت أيضًا المواصلات والتنسيق والتغذية، حيث وصف بعضهم الخدمات بأنها “دون المستوى”، رغم دفعهم رسومًا مرتفعة مقارنة بما قُدم فعليًا.

ردود فعل مختلفة

الكاتب كمال البعداني نشر صورة للمشهد وعلّق قائلًا:
“هذا المنظر ليس لإحدى المجازر في غزة، بل لحجاج يمنيين في منى. انتظرنا حتى يكتمل الحج حتى لا يُقال إننا نعكر عمل الوزارة… فهل من تفسير؟”

وقد أكد آخرون أن هناك تقصيرًا واضحًا يجب ألا يُغض الطرف عنه، محذرين من استمرار ما وصفوه بـ”سياسة التبرير والتزكية غير الأخلاقية”. وأشار بعضهم إلى وجود جهاز إعلامي يسعى لتبرير أي خطأ بدلاً من الاعتراف به والعمل على معالجته. لكن هناك من قال إن الصورة المتداولة قديمة ومن مواسم الحج في الأعوام في الماضية، ناسفا رواية البعداني كلية.

مسؤولية الوزارة… أم خيارات الحجاج؟

من ناحية أخرى، لفت مختصون إلى أن خدمات الحج في المملكة العربية السعودية تنقسم إلى درجات وفئات متنوعة، وأن للحاج حرية الاختيار بين الباقات، من البسيطة وحتى الشبه فندقية، كلٌ بحسب قدرته.
ويبلغ متوسط سعر الباقة الشاملة للخدمات المريحة داخل السعودية حوالي 12-14 ألف ريال سعودي، دون احتساب تكاليف المواصلات إلى مكة، وفقًا لمصادر مطلعة.

بناءً على ذلك، يرى البعض أن جزءًا من المعاناة قد يعود إلى اختيار الحجاج لباقات اقتصادية بسبب الظروف المادية الصعبة، وهو ما يُفترض أن يكون مفهومًا، لكنه لا يُعفي الجهات المسؤولة من توفير الحد الأدنى اللائق من الكرامة والخدمات.

دعوات للمحاسبة والشفافية

في ظل هذه الموجة من الاستياء، برزت دعوات واضحة إلى فتح تحقيق شفاف حول ما جرى، وتحديد المتسببين في الإهمال، مع ضرورة التمييز بين النقد النزيه والسعي للتشويه السياسي. وأجمع معظم المنتقدين على أن “السكوت لم يعد ممكنًا، وأن صديقك من صدقك لا من صدّقك”.

خاتمة

في النهاية، يبقى الحج فريضةً دينية سامية، تتطلب من الجميع – أفرادًا ومؤسسات – احترام قدسيتها والعمل على توفير كل السبل لضمان أداء مناسكها بيسر وكرامة. وبين مطالب الحجاج بالتغيير، وتأكيدات البعض بأن الخيارات كانت معلومة مسبقًا، يبقى السؤال الأكبر معلقًا:
من يتحمل مسؤولية ما حدث للحجيج إذا كانوا بالفعل قد عانوا في الموسم الحالي كما في الأعوام السابقة؟

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button
en_USEnglish