مقالات الرأي

تحوّل النظرة الأمريكية للملف اليمني

بقلم: عبدالوهاب بحيبح

لطالما نظر الأمريكيون إلى الملف اليمني من خلال المنظور السعودي، بوصفه قضية تمس الأمن القومي للمملكة، وبالتالي تدار بالتنسيق معها دون تعامل مباشر مع الأطراف اليمنية، بل من خلال الطرف والمنظور السعودي. وتقتصر أهمية اليمن لدى صانع القرار الأمريكي على ملف مكافحة الإرهاب، حتى إنّ الميليشيا كانت تهجم بجحافلها على البيضاء تحت غطاء من طائرات الدرونز الأمريكية، وقدّمت الميليشيا الحوثية نفسها – كما هو حال الحشد الشيعي في العراق – كشريك موثوق به للأمريكان في محاربة من يسمّونهم أتباع المحور الإيراني بالتكفيريين.

في بداية الصراع اليمني، أبدت الولايات المتحدة إعجابًا ضمنيًا بالحوثيين، ولم تكن معنية بشكل مباشر بما يجري في اليمن، معتبرة إياه ملفًا سعوديًا بحتًا. بل إنها استفادت من استمرار التهديدات في اليمن لعقد صفقات أسلحة مع دول الخليج وتحقيق مكاسب اقتصادية وسياسية.
لكنّ هذه النظرة بدأت تتغير جذريًا مع تصاعد التهديدات الفعلية على خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر. فالسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط تنطلق من ثلاث ركائز اساسية:
1. حماية أمن إسرائيل
2. حماية خطوط الملاحة البحرية
3. حماية مراكز إنتاج الطاقة (النفط والغاز)
وبعد أن أصبحت التهديدات الحوثية تمسّ هذه الركائز، وخصوصًا الملاحة في البحر الأحمر، باتت واشنطن تنظر إلى اليمن بجدية أكبر. وقد انعكس ذلك في قرارها بتغيير استراتيجيتها تجاه الحوثيين، عبر استهداف قدراتهم العسكرية وشن ضربات على مراكز القيادة والاتصال ومخازن الأسلحة.

تركّز النظرة الدولية الحالية على محافظة الحديدة، باعتبارها مركزًا استراتيجيًا على البحر الأحمر. وعلى الرغم من عدم وجود نية أمريكية للتدخل العسكري المباشر – بسبب التكلفة الباهظة وتعقيدات المشهد اليمني – إلا أن واشنطن ولندن لن تمانعا هذه المرة، كما حدث في اتفاق ستوكهولم الذي أوقف معركة تحرير الحديدة في عام 2018م، من سيطرة أي قوة يمنية على الحديدة. وللعلم، فإن قوات “طارق صالح” و”العمالقة” تعدّان الأكثر استعدادًا لهذه المهمة.

وإذا افترضنا أن هناك تحركًا دوليًا جادًا صوب الحديدة كمصلحة دولية، فإنه يظل محصورًا في هذا النطاق الجغرافي. أما في بقية المناطق اليمنية، فلا يتوقع حدوث تحرك عسكري كبير ما لم توافق الرياض على ذلك. وحتى الآن، لا تُظهر السعودية أي حماسة لمثل هذا التحرك، إذ إنها رتّبت أوضاعها منذ عامين باتجاه حل سياسي للأزمة اليمنية.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button
en_USEnglish