مقالات الرأي

الشيخ محمد البسيري.. صوت الحكمة في زمن الأزمات الحضرمية

بقلم الأستاذ صديق محمد بافضل

في خضم ما تمر به حضرموت من تحديات معقدة وصراعات داخلية تهدد النسيج الاجتماعي والاستقرار العام للمحافظة ، يبرز اسم الشيخ محمد البسيري كأحد أبرز الشخصيات التي تعمل بصمت وثبات على إعادة التوازن وتهدئة النفوس، ساعيًا نحو لمّ الشمل وتحقيق الأمن المجتمعي بعيدًا عن الأجندات الضيقة والانتماءات المحدودة.

الشيخ محمد البسيري، المعروف بمواقفه الوطنية ورجاحة عقله، لم يكن يومًا جزءًا من الأزمة، بل كان دومًا جزءًا من الحل. تدخّلاته المتكررة لحل الخلافات بين الأطراف المتنازعة في حضرموت لم تأتِ من فراغ، بل استنادًا إلى رصيد كبير من الثقة والاحترام الذي يحظى به بين كافة المكونات الاجتماعية والسياسية في المنطقة.

أزمة الهضبة.. موقف تاريخي لا يُنسى

من أبرز الأزمات التي برز فيها دور الشيخ محمد البسيري بوضوح، أزمة “الهضبة”، التي كادت أن تُشعل فتيل فتنة داخلية غير مسبوقة، نتيجة التصعيد والتوتر الذي شهده الشارع الحضرمي . وفي ظل غياب دور رسمي حاسم، كان الشيخ محمد البسيري هو أول من تحرّك ميدانيًا وسياسيًا لاحتواء الموقف، جامعًا بين المتخاصمين، وساعيًا لإيجاد مخرج مشرّف يحقن الدماء ويحفظ الكرامات.

بحنكته المعهودة، فتح قنوات حوار مع كل الأطراف، دون تحيّز أو اصطفاف، مؤمنًا أن الحل لن يأتي إلا من الداخل، ومن خلال رجالٍ يملكون الحكمة والنية الصافية. ساهم بشكل مباشر في تهدئة الشارع، ووقف على تفاصيل الحدث، ورفض أن تتحول حضرموت إلى ساحة صراع مفتوح يخسر فيه الجميع.

تكللت جهوده لاحقًا بانفراج نسبي للأزمة، وعودة لغة العقل على حساب التصعيد، وهو ما أكسبه احترامًا واسعًا وأعاد التأكيد على أن حضرموت لا تزال تملك رجال دولة حقيقيين، يضعون مصلحة حضرموت وشعب حضرموت فوق كل اعتبار.

قيادة بالفطرة.. ووساطة بحسّ وطني

في الوقت الذي اتجه فيه البعض نحو التصعيد والانقسام، اختار الشيخ محمد طريق الحكمة، فكان رسول تهدئة، ووسيطًا نزيهًا يحمل همّ الوطن على كتفه. شارك في لقاءات مصيرية، ونسّق حوارات مغلقة مع القيادات المؤثرة، وفتح أبواب التواصل بين الحضارم ، مؤمنًا أن الكلمة الطيبة والنية الصافية قادرتان على نزع فتيل أي أزمة.

ولم تتوقف جهوده عند الجانب السياسي فقط، بل امتدت إلى الجانب المجتمعي، حيث بادر بعدة مبادرات لتقريب وجهات النظر بين القبائل، وعمل على إحياء مفهوم “الصلح الحضرمي” الذي لطالما كان سمة حضارية ميزت المجتمع المحلي.

نحو مستقبل مستقر لحضرموت

اليوم، وفي ظل ما تشهده حضرموت من تحولات، يتطلع الكثيرون إلى شخصيات بمقام الشيخ محمد البسيري لتكون بوصلة الاتجاه نحو مستقبل أكثر استقرارًا وعدلًا. فمثل هذه الأسماء لا تُقدّر بثمن، لأنها تمثّل صوت العقل حين يسود الصراخ، وتزرع الأمل حين يسيطر الإحباط.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button
en_USEnglish