مقالات الرأي

اللواء أحمد سعيد بن بريك.. حين يتجسّد الوطن في رجل

✍️: علي همام بن همام

في زمن تتناسل فيه الألقاب وتبهت الأسماء، يظل بعض الرجال عصيّين على النسيان، ليس لأنهم سعوا لذلك، بل لأن الوطن نفسه يختار من يخلّدهم في ذاكرته. اللواء الركن أحمد سعيد بن بريك، هو أحد أولئك القلائل الذين وقفوا على مشارف النار، لا ليحتموا، بل ليحموها من أن تمتد إلى ما تبقى من حلم جنوبي.

قائدٌ في زمن الانكسار.. ورافعٌ لراية التحرير

حين اختارت حضرموت أن تواجه مصيرها وحدها، وكانت سواحلها مرتعا للإرهاب، لم تكن بحاجة إلى خطيب مفوّه، بل إلى قائد يملك من الإرادة ما يكسر شوكة الخوف، ومن الشجاعة ما يعيد لها هيبتها. جاء اللواء بن بريك في لحظة حرجة، فكان قدرًا ومخرجًا، لا سيما حين أدار بذكاء خالص عملية “الفيصل”، تلك التي حررت المكلا في 24 إبريل 2016، بدعم من التحالف العربي، وبتناغم لافت مع رفيقيه: اللواء الركن عبدالرحيم عتيق،قائد المنطقة العسكرية الثانية واللواء الركن فرج سالمين البحسني،أركان حرب المنطقة .

لم تكن تلك العملية مجرّد معركة عسكرية، بل كانت إعلانًا بأن حضرموت لن تُدار بالوصاية، ولن تركع للإرهاب، ما دام في رجالها من يشبهون بن بريك في حزمهم وإيمانهم.

من حضرموت إلى الجنوب.. رجل الموقف والرؤية

اللواء بن بريك لم يُغلق دفتر نضاله عند حدود حضرموت، بل حمل القضية الجنوبية إلى المدى الأوسع، إلى فضاء العدالة المنشودة لشعبٍ ظُلِم طويلًا. ومن موقعه كرئيس للجمعية الوطنية للمجلس الإنتقالي الجنوبي ثم نائب لرئيس هيئة الرئاسة بالمجلس الانتقالي ، تحول صوته إلى جسرٍ يربط المبدأ بالفعل، والهدف بالحلم.

دائمًا ما كان يحذر من التشرذم، ويُكرّس جهده لوحدة الصف الجنوبي، مؤمنًا أن الجنوب لا يولد إلا من رحم الصدق، ولا يُبنى إلا على أساس الكرامة.

صوت حضرموت الذي لا يلين

كان وما زال من أكثر الأصوات جرأة في الدفاع عن حقوق حضرموت، يطالب بثرواتها، وينادي بتمكين أبنائها من حكمها. لم يكن رجل سياسة فحسب، بل رجل موقف، يتحدث بلسان الناس، ويقاتل لأجل أحلامهم، لا يهاب في الحق لومة لائم، ولا يتردد في الوقوف ضد من يحاولون استلاب القرار الحضرمي.

هيبة القائد وإنسانية الموقف

في زمن التلون، يُعرف اللواء أحمد بن بريك بثبات المبدأ. شخصيته المهيبة لا تخفي تواضعًا إنسانيا كبيرا، وصرامته لا تخفي قلبا نابضا بالوفاء لقضيته وشعبه. قليلون هم القادة الذين يستطيعون الجمع بين الصدق في القول والحزم في الفعل، لكنه كان أحدهم، ولهذا أحبته حضرموت، وأخلص له الجنوب.

خاتمة تليق برجل دولة

ليس من قبيل المبالغة القول إن التاريخ الجنوبي سيكتب اسمه بماء من ذهب، لا لأنه أراد المجد، بل لأنه اختار الطريق الأصعب، ومشى فيه حتى النهاية. سيظل أحمد سعيد بن بريك شاهدًا على زمنٍ حاول أن يُقصي الرجال، لكنه فشل أمام قامة بحجم هذا القائد الهمام .

وإن قيل إن الرجال مواقف، فبن بريك كان الموقف حين عزّ الموقف، وكان الصوت الصادق في زمن ضجيج الأصوات.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button
en_USEnglish