مقالات الرأي

صورة من مرآة المجتمع

بقلم : محمد بازهير

“تلك طبيعة البشر، يشمئزون مما لا يطيقونه صبرًا، ولا يفصلون بين مواقف الفرد وذاته، يشنون حربًا عالمية ثالثة على شخصك، لأنك سلكت دربًا غير دربهم، يعترفون أن الاختلاف سنّة كونية، حال تمسكهم برأي ما، ويناضلون لذلك، حتى وإن اقنعتهم بالحجة والبرهان، محال أن يتزحزحوا عن المبادئ قيد أنملة”.

“سيطلقون عليك نار ألسنتهم لتلتهمك حيًا، يحاولون بكل جهد وأد ما تناضل لأجله، هم على بينة وحق فقط في نظرهم، وغير ذلك فليذهب إلى الجحيم، سيجردونك من الاحترام عاريًا، وستصيبك نوبة اكتئاب إذ وليت لحديثهم أمرًا، ستتمنى لو أن الارض تنّشق لتبتلعك حينًا، أو تسقط السماء عليك كسفا لترتاح حينًا آخر.”

ما اقتبست كتابته، من رواية عملت عليها قبل عام، لصحفي تعصف به الهواجس، وهو يقاوم نظامًا دكتاتوريًا. وأرتأيت أن اشارك جزءًا يسيرًا منها، كونها تُجسّد مانعاصره.

ففي هذا المشهد الروحي الموجع، يطل أستاذنا علي الكثيري بابتسامة هي بحد ذاتها رسالة، لا تحمل سوى الهدوء والسكينة، لكنها تصرخ بما لا تستطيع الكلمات قوله، صورة واحدة كفيلة بأن تؤرقهم لسنوات، وكأنها مرآة تعكس كل ما يفتقدونه في أنفسهم: الاتزان، القوة، والقدرة على المضي قدمًا.

هكذا نحن البشر، حين تعجز حجتنا، نصوب سهامنا نحو الشخص ذاته، ضعفاء أمام منطق لا نستطيع هدمه، نلجأ للإساءة كملجأ أخير، ومع ذلك، تبقى الابتسامة أقوى من كل الكلمات، أداة صامتة لكنها جذرية، تترك أثرًا يمتد لعقود، تلك هي الإنسانية، بكل جمالها وقبحها، بكل صمتها وضجيجها.

حفظك الله أبا همدان

محبات.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button
en_USEnglish