أهم الاخبارتقارير وتحقيقات

صحفي حضرمي يسرد تفاصيل طرده من مخيم الهلال الأحمر الإماراتي الطبي بالمكلا


المكلا – حضرموت نيوز

مساء أمس، وفي تمام الساعة التاسعة والنصف، توجهت برفقة زميلي محمد العماري إلى منطقة ربوة خلف، حيث تجري فعاليات “الأسبوع الخيري المجاني 2″، المبادرة التي ينظمها مكتب الهلال الأحمر الإماراتي بمحافظة حضرموت بالتعاون مع جامعة العرب ومؤسسة أمراض القلب الخيرية.

عند وصولنا، وجدنا المكان يعج بالمواطنين الذين توافدوا للاستفادة من الخدمات الطبية المجانية التي يوفرها المخيم، والذي يضم عيادات متخصصة في مجالات متعددة، منها الأسنان، الأذن والأنف والحنجرة، النساء والتوليد، الجراحة العامة، الباطنية، الأطفال، إضافة إلى قسم الطوارئ والمختبرات وركن المشورة الطبية.

نظام دقيق وتنظيم محكم  

ما لفت انتباهي هو الانضباط الواضح في آلية استقبال المرضى، حيث قامت إدارة المخيم بتوزيع كروت بأرقام تسلسلية لضمان سير العملية بسلاسة ومنع أي ازدحام أو فوضى، وهو الأمر الذي انعكس إيجابًا على راحة وانتظار المرضى.

لقاء قديم في مكان جديد 

وسط الزحام، التقيت بصديق الدراسة أسامة النوبي، الذي لم أره منذ نحو عشر سنوات. تبادلنا ذكريات دراسة الإعداية مع بعض في مدرسة الوحدة بحي السلام، قبل أن يقطع حديثنا أحد المواطنين، الذي طلب التسجيل في عيادة الأذن والحنجرة، لكن نظرًا لاكتمال العدد المحدد لكل عيادة بـ50 مريضًا يوميًا، طُلب منه الانتظار لحين توفر فرصة بعد انتهاء الفحوصات المسجلة مسبقًا.

لغة الأرقام 

التقيت بالدكتورة سهيل قنزل، المدير العام لمركز المحور الطبي، التي قدمت لي شرحًا تفصيليًا حول المخيم وأهدافه، وأكدت أن جميع الخدمات – بدءًا من والاستشارة والفحص المختبري وحتى تقديم العلاج – تُقدم مجانًا، في إطار الجهود الإنسانية التي يبذلها الهلال الأحمر الإماراتي وشركاؤه، وأنهم سبق وأن عملوا مخيمًا في العام الماضي، وأن عدد المستفدين خلال الثلاثة أيام الاولى من هذا الاسبوع الجاري، نحو 700 مريضًا استقبلهم الأطباء، ومثلها في الفحوصات.

التدخين سلطان زمانه

في أثناء جولتي داخل العيادات، دخلت إلى قسم القلب حيث كان أحد المرضى يستعد لإجراء فحص “إيكو القلب”. كان رجلًا أشيبَ، ممسكًا بعلبة السجائر، أخبرني أنه مدخن شره، وأن التدخين يمنحه شعورًا بالسيطرة وكأنه “سلطان زمانه”.

تدخلت الطبيبة المشرفة على فحصه وقدمت له نصائح حول مخاطر التدخين، مستشهدة بحالات مشابهة. وهنا، شاركته قصة مريض آخر من مدينة الشحر، كان قد أقلع عن التدخين بعد 40 عامًا من ممارسته، لكنه تعرض لمضاعفات صحية استدعت سفره للعلاج. وعند فحصه، أخبره الأطباء أن رئتَيه المشبعتَين بالنيكوتين بدأت تضخ السموم إلى جسده، ما تسبب في انتكاس حالته، حتى نُصح بالعودة إلى التدخين مجددًا للتخفيف من الأعراض.

تعرّضي للطرد!.

لم تمهلني الطبيبة كثيرًا بعد أن رأتني أروي القصة، فقطعت حديثي ضاحكة: “باتخرّب المرضى يا بازهير، قم روّح أفضل!”،  في مشهد يعكس مدى حزم الأطباء في التوعية الصحية، حتى وإن كان ذلك على حساب طرد أحد الصحفيين من العيادة!

ختامًا

لم تكن زيارتي لهذا المخيم مجرد تغطية إعلامية، بل كانت تجربة إنسانية عميقة، رأيت خلالها كيف يمكن أن تصنع الجهود الخيرية فرقًا كبيرًا في حياة الناس، وكيف أن التنظيم الجيد يسهم في تقديم خدمات طبية مجانية بجودة عالية. وبينما غادرت المكان، كنت أفكر في ذلك الرجل الأشيب، وأتساءل: هل سيأخذ بنصيحة الطبيبة، أم سيبقى “سلطان زمانه”؟

كتب: محمد بازهير 

تصوير: محمد العماري 

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button
en_USEnglish