متاهات بأيادي حضرمية: سردية المصالح والمؤامرات

د. أحمد العوش
منذ الربع الأخير لعام 2024، انزلقت حضرموت في متاهةٍ مُعقّدة، تتداخل فيها خيوطُ المصالح والمؤامرات، وتتلاشى معها ملامحُ الجمال والنظام. بدأت الحكاية بتصعيدٍ مُفاجئ من حلف قبائل حضرموت، مُتذرعًا بمطالبٍ وافَقَ عليها المجلس الرئاسي، ولكن سرعان ما تنصّل الحلفُ عنها، مُبررًا ذلك بعدم مشاركة السلطة المحلية في تنفيذها.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ تمّ إقحام السلطة المحلية في متاهةٍ أخرى، تتعلّق بوحدة تكرير النفط في كهرباء الريان، وهي وحدةٌ تم إنشاؤها رسميًا وبموافقة حكومية عليا، لتكرير ما يعادل قاطرتين أسبوعيًا فقط، في محاولة لتغطية احتياجات السلطة المحلية بعد توقف إمدادات بترومسيلة. ثمّ جاءت متاهةٌ ثالثةٌ تتعلق بأنبوب نفط المصفاة المزمع إنشاؤها، والتي وقّعتها الحكومة في 18 مارس 2023، ولم يكتمل المشروع لأسبابٍ تتصدرها حقيقة أن المشروع كان مُتفقًا عليه مع شركة أخرى وكان من المفترض أن يبدأ في 2003.
وسط كلّ هذه المتاهات، لم تقف الجهات الرسمية مكتوفة الأيدي، بل بادرت ثلاث جهات (وزارة النفط، السلطة المحلية، وبترومسيلة) بإصدار بياناتٍ رسمية تُفنّد فيها الادعاءات والاتهامات الموجهة إليها، مؤكدةً على التزام السلطة المحلية بالتحقيق في أيّ تجاوزات أو وحدات تكرير غير رسمية، وتعاونها التام مع جهات التحقيق والرقابة الرسمية.
أمام هذه الصورة القاتمة، يتساءل كل مواطن حضرمي: إلى متى تستمر هذه المتاهات؟ فقد بلغ السيل الزبى، ولم يعد الشعب الحضرمي قادراً على تحمل المزيد من البيانات والقِصَص التي يصعب عدّها، لذا فإنني كمواطن حضرمي ومعي السواد الأعظم من هذا الشعب المسالم، أُطالب التحالف بالتدخل العاجل لفرض الأمر الواقع في كافة الجوانب الخدمية وتأمينها بنفسه، ورفع أي مظاهر تعكر صفو هذا الشعب المسالم، مع إشراك السلطة المحلية في الجوانب الإشرافية والرقابية.
فقد آن الأوان لردم هذه المتاهات، وإيقاف أصحابها عن العبث بمصير حضرموت.