أهم الاخبارتقارير وتحقيقات

بيان الخارجية السعودية… رسائل سياسية تسقط أوراق خصوم الانتقالي

خاص – حضرموت نيوز 

حمل بيان وزارة الخارجية السعودية بشأن التحركات العسكرية الأخيرة في محافظتي حضرموت والمهرة دلالات سياسية عميقة، تجاوزت توصيف الحدث العسكري إلى رسم ملامح مقاربة جديدة للمملكة تجاه تطورات المشهد اليمني، ولا سيما ما يتعلق بالقضية الجنوبية ومستقبل الحل السياسي.

البيان، الذي صدر بلهجة هادئة ومتزنة، عكس تمسك الرياض بخيار التهدئة واحتواء التصعيد، مؤكدًا استمرار دورها كوسيط يسعى لجمع الأطراف اليمنية على طاولة الحلول السلمية، لا كطرف منخرط في الصراع. وهو ما يتناقض بوضوح مع الخطاب الذي روّج له خصوم المجلس الانتقالي الجنوبي منذ بداية الأحداث، حول وجود نية سعودية للتصعيد أو المواجهة المباشرة.

تحركات أحادية وتحذير سياسي

وأوضحت الخارجية السعودية أن التحركات العسكرية التي نفذها المجلس الانتقالي الجنوبي في حضرموت والمهرة تمت بشكل أحادي ودون تنسيق مع مجلس القيادة الرئاسي أو قيادة التحالف، معتبرة أن ذلك أدى إلى تصعيد غير مبرر انعكس سلبًا على مصالح اليمنيين، وعلى القضية الجنوبية نفسها، وعلى جهود التحالف في تثبيت الاستقرار.

وفي هذا السياق، كشفت المملكة عن إرسال فريق عسكري مشترك سعودي–إماراتي إلى عدن، بهدف الترتيب مع قيادة المجلس الانتقالي لضمان عودة قواته إلى مواقعها السابقة خارج المحافظتين، وتسليم المعسكرات لقوات “درع الوطن” والسلطات المحلية، تحت إشراف التحالف.

القضية الجنوبية… حضور لافت واعتراف رسمي

أبرز ما حمله البيان، وفق مراقبين، هو الحضور غير المسبوق للقضية الجنوبية بصيغة واضحة ومباشرة، حيث وصفها البيان بأنها “قضية عادلة” تستوجب المعالجة ضمن إطار الحوار بين جميع الأطراف اليمنية وفي سياق الحل السياسي الشامل. ويُعد هذا توصيفًا لافتًا في بيان سعودي رسمي، بما يحمل من دلالات اعتراف سياسي بالقضية، بعد سنوات من التعامل معها ضمن عناوين عامة.

في المقابل، غابت عن البيان أي إشارة صريحة إلى “الوحدة اليمنية” كشعار أو كأولوية سياسية، وهو ما اعتبره محللون مؤشرًا على أن ملامح الحل القادم قد لا تكون بالضرورة قائمة على الصيغة التقليدية للوحدة، بل على ترتيبات سياسية جديدة تفرضها الوقائع على الأرض.

غياب الإدانة المباشرة ورسائل ضمنية

كما لوحظ غياب إدانة صريحة لموقف المجلس الانتقالي أو لتحركاته الرامية – وفق خطابه – إلى “تطهير” وادي حضرموت والمهرة، وهو ما يقرأه البعض كرسالة سعودية حذرة، تفصل بين رفض الأسلوب الأحادي من جهة، وعدم الدخول في صدام سياسي مباشر مع المجلس من جهة أخرى.

تحليل: وساطة سعودية ورسم خطوط حمراء

يمكن قراءة البيان بوصفه محاولة سعودية لإعادة ضبط إيقاع المشهد، عبر التأكيد على عدة ثوابت: رفض أي تحركات عسكرية خارج إطار التوافق، دعم مؤسسات مجلس القيادة الرئاسي، وفي الوقت نفسه فتح الباب أمام نقاش سياسي جاد حول القضية الجنوبية.

كما يعكس البيان حرص الرياض على منع انزلاق حضرموت والمهرة إلى ساحة صراع مفتوح، لما تمثله المحافظتان من أهمية استراتيجية وأمنية، سواء لليمن أو للمملكة نفسها.

في المحصلة، لا يبدو بيان الخارجية السعودية مجرد تعليق على حدث عسكري عابر، بل وثيقة سياسية تحمل رسائل متعددة الاتجاهات: للمجلس الانتقالي، ولمجلس القيادة، وللتحالف، وللأطراف الإقليمية والدولية، مفادها أن الحل في اليمن لن يُفرض بالقوة، وأن القضايا الجوهرية – وعلى رأسها القضية الجنوبية – باتت مطروحة على طاولة البحث، ولكن وفق مسار سياسي توافقي، لا عبر خطوات أحادية قد تعيد إشعال الصراع.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
arArabic