محللون وخبراء أمنيون: القوات الجنوبية لعبت دورًا محوريًا في محاربة الإرهاب منذ 2016

عدن – حضرموت نيوز
قال محللون وخبراء أمنيون إن القوات الجنوبية شكّلت منذ عام 2016 أحد أهم أعمدة المواجهة ضد التنظيمات الإرهابية في اليمن، ونجحت خلال سنوات قليلة في قلب المعادلة الأمنية، بعد أن كان تنظيم القاعدة في جزيرة العرب يتمدد بسرعة ويسيطر على مدن ومناطق واسعة في جنوب البلاد.
وأوضح الخبراء أن مرحلة ما قبل 2016 اتسمت بانهيار أمني واسع، حيث كانت المدن الكبرى تتساقط تباعًا بيد تنظيم القاعدة، الذي تمكّن في فترات سابقة من السيطرة على مدن استراتيجية، وأدار مناطق كاملة، وشنّ موجات اغتيالات استهدفت كوادر أمنية وعسكرية ومدنية، الأمر الذي دفع تقارير دولية حينها إلى التحذير من تحوّل جنوب اليمن إلى مركز تهديد إقليمي ودولي.
عدن… من الفوضى إلى تفكيك الخلايا
وأشار محللون إلى أن عدن كانت أول اختبار حقيقي لفعالية القوات الجنوبية بعد تحريرها، حيث تحولت المعركة من مواجهة عسكرية مباشرة إلى حرب أمنية معقّدة ضد خلايا إرهابية نشطة.
وأضافوا أن القوات الأمنية الجنوبية، وفي مقدمتها قوات الحزام الأمني، ركزت على تثبيت الأمن، وإغلاق الفراغ الذي كانت تستغله الجماعات المتطرفة، ما أسهم في تقليص نشاط الاغتيالات والهجمات مقارنة بالسنوات الأولى بعد الحرب.
لحج وأبين… كسر دورة عودة القاعدة
ويرى خبراء أمنيون أن محافظتي لحج وأبين تمثلان نموذجًا واضحًا لنجاح المقاربة الأمنية الجنوبية، لكونهما كانتا من أكثر المناطق تعرضًا لاختراق تنظيم القاعدة عبر السنوات.
وبحسب التحليلات، فإن وجود قوات جنوبية محلية وانتشارها الميداني المستمر حال دون عودة التنظيم إلى السيطرة على المدن، كما حدث في مراحل سابقة، وحوّل نشاطه إلى محاولات محدودة وغير قادرة على فرض واقع ميداني دائم.
حضرموت… إسقاط أخطر معاقل التنظيم
ويؤكد مراقبون أن استعادة ساحل حضرموت، في العام 2016 وعلى رأسه مدينة المكلا، شكّل ضربة استراتيجية قاصمة لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب، الذي كان قد حوّل المدينة إلى عاصمة فعلية له، ومصدر تمويل ونفوذ إقليمي.
ويشير خبراء إلى أن هذا التحول لم يكن عسكريًا فقط، بل أمنيًا أيضًا، إذ منعت القوات الحضرمية المحلية التنظيم من إعادة بناء نفوذه، وأغلقت أحد أخطر المنافذ البحرية التي استغلها سابقًا.
شبوة… إنهاء وجود القاعدة كقوة مسيطرة
وفي محافظة شبوة، يرى محللون أن العمليات الأمنية التي نفذتها القوات الجنوبية أسفرت عن إخراج تنظيم القاعدة من المحافظة كقوة فاعلة على الأرض، وهو ما اعتبرته تقارير بحثية عربية ودولية “إنجازًا أمنيًا كبيرًا” أعاد التوازن للمحافظة، ومكّن السلطات المحلية من استعادة دورها.
القاعدة في جزيرة العرب… من التمدد إلى الانكماش
ويجمع خبراء أمنيون على أن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب كان يُصنّف لسنوات كأخطر فروع التنظيم عالميًا، بسبب قدراته العملياتية وطموحاته العابرة للحدود.
غير أن الضربات المتتالية التي تلقاها في المحافظات الجنوبية، بحسب محللين، نقلته من مرحلة السيطرة على المدن وإدارة المناطق إلى مرحلة الانكماش والتموضع المحدود في مناطق وعرة ومتداخلة جغرافيًا.
كلفة قليلة ونتائج كبيرة
ويشير محللون إلى أن ما يلفت في تجربة القوات الجنوبية هو أنها حققت هذه النتائج بإمكانات محدودة نسبيًا، مقارنة بحجم التهديد، معتمدة على الانتشار المحلي، والمعرفة الجغرافية، والدعم الشعبي، وهو ما جعلها أكثر فاعلية في مواجهة تنظيم يعتمد على الاختباء داخل المجتمعات والبيئات المفتوحة.
أين يتمركز الإرهاب اليوم؟
ويرى خبراء أن الخريطة الحالية لنشاط الجماعات الإرهابية تشير إلى تراجع حضورها في معظم المحافظات الجنوبية الساحلية، مقابل استمرار نشاطها في بعض المناطق الداخلية التي تشهد تعقيدات سياسية وأمنية، مثل أجزاء من مأرب والبيضاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين أو الواقعة في نطاق نفوذ قوى أخرى، وهو ما يبرز – بحسب الخبراء – أهمية استمرار النموذج الأمني الذي أُرسِي في الجنوب.
شريك موثوق في مكافحة الإرهاب
ويخلص محللون أمنيون إلى أن القوات الجنوبية باتت تمثل شريكًا فاعلًا في الحرب على الإرهاب، ليس فقط على المستوى المحلي، بل ضمن منظومة الأمن الإقليمي، مؤكدين أن التجربة الجنوبية أثبتت أن بناء قوات محلية منسجمة مع بيئتها الاجتماعية هو أحد أنجح السبل لمحاصرة التنظيمات المتطرفة ومنعها من تهديد الاستقرار.



