الجنوب يقترب من إعلان دولته المستقلة..

خاص ـ حضرموت نيوز
تشير التطورات الميدانية والسياسية المتسارعة في جنوب اليمن إلى اقتراب لحظة تاريخية قد تعيد رسم خريطة المنطقة، مع تصاعد المؤشرات على إمكانية عودة دولة جنوب اليمن (1967–1990) ككيان مستقل ذي سيادة.
ففي مطلع ديسمبر الجاري، نفذت القوات العسكرية التابعة لـالمجلس الانتقالي الجنوبي عمليات واسعة ومنظمة في محافظتي حضرموت والمهرة، أسفرت عن بسط السيطرة الكاملة وإنهاء نفوذ حكومة المجلس الرئاسي اليمني المعترف بها دوليًا، والتي تعاني منذ سنوات من تآكل شرعيتها وعجزها عن إدارة المناطق الخاضعة لها.
خطاب دولي ودعوة للاعتراف
وفي 11 ديسمبر، صدر بيان عن برلمان المجلس الرئاسي أدان فيه التقدم العسكري الجنوبي، محذرًا من تداعيات أمنية واقتصادية، في خطوة وُصفت بأنها تعكس قلقًا سياسيًا أكثر من كونها موقفًا نابعًا من شرعية فعلية، في ظل شلل البرلمان ووجود معظم أعضائه خارج البلاد.
وردًا على ذلك، أصدر رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي اللواء عيدروس الزُبيدي بيانًا سياسيًا حاسمًا خاطب فيه المجتمع الدولي، مؤكدًا أن شعب الجنوب شعب محب للسلام، يتبنى قيم التعايش ويرفض الإرهاب والتطرف، ويقف في مواجهة الإسلام السياسي، متهمًا حكومة المجلس الرئاسي بالتخادم مع جماعة الإخوان المسلمين عبر إشراك حزب الإصلاح في السلطة.
استعادة دولة وهوية
ووصف الزُبيدي تحركات المجلس الانتقالي بأنها تحريرٌ واستعادةٌ لحق سيادي غير قابل للتجزئة، يمتد من عدن إلى حضرموت وصولًا إلى المهرة، مؤكدًا أن وحدة الجنوب الجغرافية والسياسية خط أحمر غير قابل للتفاوض، ورافضًا أي محاولات لتقسيم المحافظات الشرقية أو عزلها عن مشروع الدولة الجنوبية.
ودعا رئيس المجلس الانتقالي القوى الغربية إلى دعم تطلعات شعب الجنوب في تقرير مصيره، باعتبار مشروع الاستقلال عامل استقرار إقليمي في مواجهة الإرهاب والتمدد الإيراني عبر الحوثيين.
واقع القوة مقابل تآكل الشرعية
وتعزز هذه الطروحات واقعٌ ميداني واضح، حيث تمكنت القوات الجنوبية من إحكام السيطرة على كافة المحافظات الجنوبية، في وقت تواصل فيه حكومة المجلس الرئاسي عجزها عن مواجهة التهديد الحوثي أو بسط نفوذها على الأرض، وسط اتهامات بانشغالها بصراعات داخلية وتفاهمات سياسية مشبوهة.
في المقابل، يبرز المجلس الانتقالي الجنوبي كقوة منظمة تقاتل على جبهات متعددة، ضد الحوثيين وبقايا تنظيم القاعدة في آن واحد، ما عزز حضوره محليًا وإقليميًا، ورسّخ قناعته بأن لحظة إعلان الدولة باتت أقرب من أي وقت مضى.
جنوب ما بعد الحرب
ومع هذه التحولات المتسارعة، يرى مراقبون أن الجنوب يقف اليوم أمام نافذة تاريخية نادرة لإعادة تأسيس دولته على أسس سياسية وأمنية جديدة، مستندًا إلى إرادة شعبية متراكمة، وقوة عسكرية مسيطرة، وخطاب سياسي يتجه بثبات نحو الاعتراف الدولي.
ويبقى السؤال مفتوحًا: هل تشهد المرحلة القادمة الإعلان الرسمي لدولة الجنوب؟
المؤشرات على الأرض تقول إن العدّ التنازلي قد بدأ.



