أهم الاخبارثقافة

جمال شبام حضرموت بعيون سلاح الجو الملكي البريطاني

علوي بن سميط – حضرموت نيوز 

شبام حضرموت، من اللقطات الجوية النادرة وربما الأولى، تعود إلى قرابة قرنٍ مضى، تحديدًا منذ 96 سنة، في نوفمبر من عام 1929م، من تصوير سلاح الجو الملكي البريطاني. تُظهر الصورة كثافة النخيل والاخضرار المحيط بمختلف اتجاهات المدينة تحت السور، وهي ملتقطة قبل إنشاء الطريق الأولية (الصِّرك) وقبل الطريق الحالية؛ إذ أُقيمت الأولى المرصوفة بالحجارة والتي كانت تمرّ تحت مسجد معروف بين جِربي الزاهر والسبيخة في الأربعينيات، بينما أُقيمت الأخرى، وهي طريق إسفلتية، بواسطة شركة التاج في الثمانينيات.

الفرق واضح بين عام التصوير واليوم؛ فالنخيل لم تعد كما كانت، والخُضرة اليانعة عقب السيول تلاشت بعد أن مُنعت مياه السيول عن كثيرٍ من الجروب، كما أن كثيرًا من الأراضي حُوّرت بفعل الإنسان أو لأسبابٍ أخرى. لذا فالصورة التي التُقطت قبل قرنٍ تقريبًا تُحدّد كثيرًا من الاهتمامات التاريخية والعمرانية، وتفتح باب المقارنة بين ماضي المدينة الزراعي الزاهر وحاضرها الذي تغيّر بتأثير الزمن والعوامل البشرية.

أما الدفاعات الطينية القائمة على سور المدينة، مثل الأكوات والقلاع الصغيرة المعروفة بـ (المقدّمات والمراتب) في الأركان أو بوسط السور كما تظهر في الصورة، فقد أُزيلت أو انهارت بفعل القِدم والزمن، غير أن الطابع العام للمدينة ظلّ ثابتًا ومحافظًا على شخصيته المعمارية المميزة. فمن عام 1929م وحتى اليوم 2025م، شهدت شبام تغييرات عديدة، لكنها لم تمس ملامحها التاريخية الأصيلة التي أكسبتها شهرتها كـ”مانهاتن الصحراء”.

وتبدو في أقصى الصورة مساحة فارغة كانت حينها غير مأهولة، وهي اليوم منطقة مسكونة أصبحت مدينة كبيرة منذ تسعينيات القرن العشرين الماضي، تُعرف باسم مدينة شقية – شرقي شبام، ما يعكس اتساع النطاق العمراني وتحوّل المناطق الزراعية إلى تجمعات سكنية جديدة.

وفي سياقٍ متصل بالعمارة التاريخية في حضرموت، تُعد السدة القبلية لمدينة سيؤن — العاصمة الكثيرية حتى عام 1967م — من أبرز الشواهد العمرانية التي حافظت على طابعها القديم. فهذه البوابة هي الأقدم في سيؤن، إذ جرى الاهتمام بها عبر مراحل متعاقبة من حيث الترميم والعناية، مما مكّنها من الاحتفاظ بنمطها الأصلي حتى اليوم، بخلاف سائر البوابات مثل “كلابه” و”زويا”. تظهر الصورة لسدة سيؤن القبلية من جهة دخولها ومن جهتها الشرقية الداخلية التُقطت يوم أمس الأربعاء، وتُعد هذه البوابة الأقرب إلى قصر الحكم، إذ تشكل المدخل الرئيس المؤدي إليه من السحيل حتى قلب سيؤن. وقد شهدت بوابة سيؤن القبلية محاولات اقتحام عدة في فترات زمنية مختلفة ذكرتها كتب التاريخ بتفصيل، لكنها صمدت ولم تسقط، فيما كانت آخر أعمال العمارة والتأهيل لها قبل عقدٍ من الزمن، حيث أُعيد إليها الطابع المعماري الذي عُرفت به منذ قرون.

وتعود بنا الصورة النادرة لـ شبام حضرموت في نهاية عشرينيات القرن الماضي إلى مشهدٍ بديعٍ تحيط به واحة خضراء من النخيل، وهي من أندر الصور الجوية التي التقطها سلاح الجو الملكي البريطاني في نوفمبر 1929م، وقد تم تلوينها لاحقًا. وتُظهر المقارنة بين الماضي والحاضر تغييرات طفيفة في بعض الاستحكامات على السور ومباني الحماية، إلا أن المظهر العام للمدينة ظل كما هو، محتفظًا بجلاله وهيبته التاريخية. أما النخيل الذي كان يملأ الأفق، فقد تآكل معظمه وحلّ محله أشجار المسكيت أو السيسبان التي غزت الجروب، وإن ظلّ المنظر أخضرَ اللون، إلا أن مضمونه الطبيعي تغيّر كثيرًا.

✍️ علوي بن سميط
الجمعة 7 نوفمبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
arArabic