تنظيم الإخوان المسلمين.. من شعارات الزيف بالإصلاح إلى واقع الهدم من الداخل

خاص – حضرموت نيوز
يُقدّم تنظيم الإخوان المسلمين نفسه منذ نشأته كحركة دعوية إصلاحية تسعى إلى إقامة العدل وخدمة المواطن، متوشحًا بشعارات الديمقراطية والسلمية ومحاربة الفساد. غير أن الوقائع الماثلة في عدد من الدول العربية، وفي مقدمتها اليمن، تكشف تناقضًا صارخًا بين الخطاب المعلن والممارسة الفعلية التي كرّست نهج الهيمنة وتسييس الدين وصناعة المظلومية وتفكيك مؤسسات الدولة.
ازدواجية الخطاب والممارسة
يستخدم التنظيم أدوات دينية وشعبوية لتعبئة أتباعه وإيهام الجماهير بأنه المدافع عن “الإصلاح والتغيير”، لكنه في الواقع يتعمد تعطيل مؤسسات الدولة وإضعافها ليتسلل إلى مفاصلها ويحتكر القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
وفي الوقت الذي يرفع فيه شعارات الديمقراطية والتعددية، يمارس داخل صفوفه أشدّ أشكال الإقصاء والطاعة العمياء للقيادة، ويحوّل الولاء للوطن إلى ولاء للتنظيم، متجاوزًا كل المعايير الوطنية ومقتضيات العمل المؤسسي.
أدوات النفوذ وتسييس الدين
تقوم استراتيجية التنظيم على استغلال الدين لأغراض سياسية، وتوظيف الخطاب الديني كأداة للتعبئة والتحريض وشيطنة الخصوم، مع صناعة دائمة لخطاب “المظلومية” الذي يبرر انقلابه على المؤسسات وتخريبه للأنظمة القائمة.
كما يعتمد الإخوان على تحالفات متقلبة تتغير بتغير المصالح، ما جعلهم أحد أبرز عوامل عدم الاستقرار في دول مثل مصر وليبيا والسودان واليمن، حيث تحولت شعارات “النهضة والإصلاح” إلى غطاء لمشروعات فوضوية عطّلت التنمية وأشعلت الصراعات وأضعفت الدولة الوطنية.
اليمن.. نموذج صارخ للتناقض الإخواني
في اليمن، مثّل حزب التجمع اليمني للإصلاح، الذراع السياسي، لتنظيم الإخوان المسلمين، أبرز أدوات العبث والتناقض. فبينما يعلن الحزب التزامه بالشرعية والتحالف العربي، مارس على الأرض سياسة مزدوجة أفضت إلى تمكين ميليشيا الحوثي من السيطرة على المحافظات الشمالية، عبر إضعاف الجبهات وتحييد القيادات الميدانية وتفكيك الصف الجمهوري.
وفي المحافظات المحررة، خصوصًا المحافظات الجنوبية، سعى الحزب إلى نشر الفوضى والعبث بمؤسسات الدولة، مستغلًا نفوذه داخل بعض مفاصل الحكومة والجيش لخلق بؤر توتر تهدف إلى تقويض الأمن والاستقرار.
هذه السياسات أظهرت بوضوح أن الحزب لا يتحرك وفق أجندة وطنية، بل وفق استراتيجية التنظيم الدولي للإخوان القائمة على إدارة الأزمات واستنزاف الدول لإبقاء القرار الوطني رهينة لولاء خارجي وتنظيمي.
نتائج كارثية على الدولة والمجتمع
أسهمت ممارسات الإخوان في اليمن، كما في دول أخرى، في إضعاف الشرعية، واستنزاف الموارد، وتكريس الانقسام المجتمعي، ما انعكس سلبًا على الاقتصاد والتنمية والخدمات العامة، فضلاً عن إطالة أمد الحرب ومعاناة المواطنين.
كما أن التحالفات المتقلبة التي انتهجها الحزب، سواء مع الحوثيين في الخفاء أو مع قوى أخرى حينًا، كشفت حقيقة ارتباطه بمشروع يتجاوز حدود الوطن، هدفه احتكار القرار السياسي وإبقاء المجتمعات في دوامة الصراعات والفوضى.
خاتمة
تجربة الإخوان المسلمين، من اليمن إلى ليبيا والسودان ومصر، تثبت أن التنظيم الذي يتحدث عن الإصلاح والديمقراطية إنما يمارس التخريب والوصاية باسم الدين. فحيثما وجد الإخوان، تراجعت الدولة وتقدمت الأزمات، وتحوّلت الشعارات إلى أدوات للهدم لا للبناء، وللتحريض لا للتنوير.
إن سقوط الأقنعة عن هذا التنظيم لم يعد مسألة رأي، بل حقيقة تؤكدها الوقائع اليومية في دولٍ دفعت ثمنًا باهظًا لتناقض شعارات الإخوان مع أفعالهم.



