إعلان نسخة “شات جي بي تي” الإباحية للبالغين.. وشكوك ببقاء التطبيق آمنًا

اليوم السابع – حضرموت نيوز
أثار إعلان شركة OpenAI، المطوِّرة لتطبيق الذكاء الاصطناعي الشهير ChatGPT، جدلاً واسعًا بعد أن كشف الرئيس التنفيذي سام ألتمان عن نية الشركة طرح نسخة جديدة مخصصة للبالغين فقط، تتيح إنتاج محتوى ذي طابع “إباحي” أو “رومانسي” ضمن شروط وضوابط محددة.
وقال ألتمان إن هذه الخطوة تأتي “لمعاملة المستخدمين البالغين كبالغين”، مؤكدًا في الوقت نفسه أن الشركة لن تتهاون في إجراءات السلامة وحماية القُصّر، وأن النسخة الجديدة ستُتاح فقط للمستخدمين الذين يتم التحقق من أعمارهم بشكل صارم.
منافسة متزايدة بين شركات الذكاء الاصطناعي
الخطوة الجديدة من OpenAI تأتي في وقت تشتد فيه المنافسة بين شركات التكنولوجيا الكبرى في مجال الذكاء الاصطناعي التفاعلي.
فقد أطلقت شركة xAI التابعة لإيلون ماسك مؤخرًا “وضع الرفيق” في روبوتها Grok، وهو وضع يسمح للمستخدمين بالتفاعل مع شخصيات مختلفة، من بينها شخصيات أنمي ذات طابع عاطفي وجنسي واضح.
كما تقدم تطبيقات شهيرة مثل Character.ai وReplika روبوتات دردشة مصممة لتوفير “الرفقة العاطفية” للمستخدمين، وهو مجال أصبح يشهد إقبالًا متزايدًا حول العالم.
دراسة أعدتها مجلة هارفارد بيزنس ريفيو في أبريل الماضي، شملت 6000 مستخدم لتقنيات الذكاء الاصطناعي، كشفت أن الاستخدام الأكثر شيوعًا لتلك التطبيقات هو العلاقات العاطفية أو النفسية الافتراضية، وليس البحث أو التعليم كما كان يُعتقد سابقًا.
وفي الوقت نفسه، أظهرت دراسة لشركة ARK Invest أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي الموجهة للبالغين استحوذت على 14.5% من سوق المحتوى الترفيهي للبالغين العام الماضي، بعد أن كانت نسبتها لا تتجاوز 1.5% في العام الذي سبقه.
مخاوف وانتقادات
إعلان OpenAI أثار موجة من الانتقادات والتحذيرات من بعض الخبراء والهيئات المعنية بسلامة الأطفال، الذين عبّروا عن مخاوفهم من احتمال وصول المحتوى الإباحي إلى المستخدمين الأصغر سنًا، حتى مع وجود أنظمة تحقق من العمر.
وقال رجل الأعمال الأمريكي مارك كوبان إن القرار “قد يأتي بنتائج عكسية”، مؤكدًا أن الآباء لن يثقوا تمامًا بقدرة الشركة على منع المراهقين من الوصول إلى المواد الإباحية عبر التطبيق.
كما بدأت لجنة التجارة الفيدرالية الأمريكية (FTC) تحقيقًا في كيفية تفاعل روبوتات الدردشة مع القُصّر، في ظل القلق المتزايد من تنامي ظاهرة ما يُعرف بـ”رفقاء الذكاء الاصطناعي” وتأثيرها النفسي والاجتماعي على الشباب.
من جانبها، صرّحت المحامية جيني كيم، الشريكة في شركة “بويز شيلر فليكسنر”، بأن OpenAI “تتعامل مع المستخدمين كفئران تجارب”، متسائلة: كيف ستمنع الشركة الأطفال فعلاً من الوصول إلى هذا المحتوى؟
رد OpenAI: “لسنا شرطة الأخلاق”
وفي مواجهة الجدل الدائر، ردّ الرئيس التنفيذي سام ألتمان عبر منصة X (تويتر سابقًا)، قائلاً إن وسائل الإعلام “بالغت في التركيز على الجانب الإباحي من الإعلان”، موضحًا أن التحديث الجديد “ليس تخليًا عن معايير السلامة، بل مجرد توسيع لحريات الاستخدام لدى البالغين”.
وأضاف ألتمان:
“لسنا شرطة الأخلاق المنتخبة للعالم، لكننا ملتزمون بحماية المراهقين وضمان تجربة آمنة ومسؤولة للجميع”.
وأوضح أن الشركة تعمل حاليًا على نظام ذكي للتنبؤ بالعمر يعتمد على الذكاء الاصطناعي نفسه، يستطيع التحقق مما إذا كان المستخدم بالغًا أم لا، مع توفير خيارات إثبات هوية للبالغين الراغبين في الوصول إلى النسخة الخاصة.
ما بين الحرية والمسؤولية
ويرى خبراء أن OpenAI تحاول من خلال هذه الخطوة الموازنة بين حرية الاستخدام للبالغين وبين الحفاظ على مكانتها كشركة مسؤولة، في ظل منافسة شرسة مع الشركات التي تقدم روبوتات دردشة مخصصة للمحتوى العاطفي أو الحميمي.
ومع أن البعض يراها تطورًا طبيعيًا للسوق الرقمي الذي يسعى لتلبية رغبات المستخدمين البالغين، إلا أن آخرين يعتبرونها خطرًا جديدًا قد يفاقم العزلة الاجتماعية ويؤثر سلبًا على العلاقات الإنسانية الحقيقية.
الخلاصة:
إعلان OpenAI عن نسخة “شات جي بي تي للبالغين” فتح بابًا واسعًا للنقاش حول حدود الأخلاق والحرية في الذكاء الاصطناعي، بين مؤيد يرى أنها خطوة جريئة لتنظيم ما هو قائم فعليًا، ومعارض يحذر من تأثيرات خطيرة على المراهقين والمجتمع.
ويبقى السؤال المطروح:
هل يستطيع الذكاء الاصطناعي أن يكون صادقًا وآمنًا في عالم تزداد فيه الرغبة في التجربة والفضول؟



