أهم الاخبارتقارير وتحقيقات

قرارات حلف قبائل بن حبريش.. فوضى عسكرية تهدد حضرموت بالانقسام والاحتراب


خاص – حضرموت نيوز 

تعيش حضرموت، على صفيح ساخن، مع تصاعد حدة القرارات الصادرة عن “حلف قبائل بن حبريش”، الذي اندفع مؤخرًا لتوزيع تعيينات عسكرية وتشكيل ألوية جديدة خارج نطاق المؤسسات الشرعية والرسمية. هذه الخطوات أثارت حالة من الاستياء والجدل الواسع، وسط مخاوف من أن تتحول إلى مدخل لصراع دموي وفتنة داخلية، بدلاً من أن تكون وسيلة لتعزيز الأمن والاستقرار في المحافظة، كما يدعي الحلف.

المقدم باشقار: الهضبة تصر على إشعال فتنة حضرمية

المقدم عمر باشقار بارشيد عبّر بوضوح عن خطورة ما يجري، مؤكدًا أن “ما يحصل من قبل الهضبة يؤكد أن هناك إصرارًا على إدخال حضرموت في فتنة حضرمية”. وبرغم جهود العقلاء والقيادات الحضرمية لتفادي الانزلاق نحو هذا المسار، إلا أن تعنت الهضبة وإصرارها على المضي في قراراتها سيجعل المواجهة أمرًا حتميًا لا مفر منه.

ويضيف بارشقار: “أي قوات متمردة لابد أن تصل إلى أحد أمرين: إمّا مواجهتها أو التسليم لها”. ويطرح تساؤلًا جوهريًا: هل تعتقد الهضبة ومن يقودها أن حضرموت ستسلم لهم بردًا وسلامًا ليحكموها؟ أم أن المحافظة ستقف بكل مكوناتها في وجه هذه المغامرات غير المحسوبة؟

 الجريري: حضرموت ليست ساحة للتجارب

الناشط لقمان الجريري، ذهب أبعد من ذلك، معتبرًا أن حضرموت ليست مجرد محافظة عادية، بل منطقة استراتيجية ذات أهمية قصوى، جغرافيًا وبشريًا واقتصاديًا. وأي خلل أمني فيها، بحسب وصفه، سينعكس بشكل مباشر وسريع على سلاسل الإمداد، والحركة الاقتصادية، وحتى على تفاصيل الحياة المدنية اليومية.

ويرى الجريري أن التفريط في قدرات قوات النخبة الحضرمية، أو محاولة تفكيك مؤسساتها الأمنية، سيؤدي بالضرورة إلى فراغ خطير، لن يظل شاغرًا طويلاً، بل ستملؤه مجموعات مسلحة صغيرة، أو تتدخل أطراف داخلية وخارجية لتفكيك النسيج الحضرمي عبر تقسيم سياسي أو إداري. وهو ما يعني خسارة حضرموت لوحدتها، وفتح الباب أمام نزاعات طويلة الأمد.

ويشدد الجريري على أن “الحفاظ على مؤسسات الأمن القوية هو حفاظ على الهوية والأمن والحقوق الحضرمية”، معتبرًا أن أي استفزاز أو استهداف لجيش النخبة الحضرمي ليس عملًا عفويًا، بل محاولة ممنهجة لإضعاف القدرة الدفاعية للمنطقة، وتهيئة الأرضية لمخططات التقسيم والنفوذ الخارجي وحتى الاحتلال الداخلي.

 الحوثري: صمت الشماليين يكشف ازدواجية المعايير

أما الناشط أبو أدهم الحوثري فقد ركز على التناقض الصارخ في المواقف الإعلامية والسياسية. إذ أشار إلى أن بن حبريش أصدر قرارات عسكرية شملت تعيين عدد من الضباط كقادة عمليات وتشكيل ثلاثة ألوية جديدة، وتسمية قادة لهذه الألوية التابعة لحضرموت.

ويقول الحوثري بلهجة استنكارية: “هل سمعتم سياسيًا شماليًا أو صحفيًا شماليًا انتقد هذه التعيينات؟ هل تحدث عنها خالد الرويشان أو بشير الحارثي أو علي البخيتي؟ وهل ناقشتها قنوات مثل المهرة أو بلقيس أو سهيل أو يمن شباب؟”.

ويتابع: “صراحةً، الشماليون طلعوا يحبونكم (حلف القبائل) مرّة مرّة.. وأنا كنت ظالمهم!”، في إشارة إلى الصمت المريب من قبل القوى الشمالية، التي غالبًا ما تتدخل في تفاصيل الشأن الجنوبي، لكنها آثرت هذه المرة أن تغض الطرف عن قرارات بن حبريش، ما يعزز الشكوك حول وجود حسابات سياسية وانتقائية في المواقف.

 حقص: المعسكرات الجديدة لا تخدم المواطن

من جهته، طرح الناشط محمد حقص تساؤلات جوهرية حول جدوى هذه القرارات. فهو يرى أن إنشاء معسكرات جديدة في حضرموت لا ينسجم مع أولويات الناس، الذين يبحثون أصلًا عن أبسط الخدمات الأساسية، من كهرباء ومياه ورواتب للمعلمين.

ويقول حقص: “ما الداعي من إنشاء معسكرات جديدة والناس أصلاً تبحث عن أبسط الخدمات؟”. ويضيف: “إذا تجاهلنا مصادر ميزانية ومخصصات هذه المعسكرات، فالواقع أنها لن تكون إلا قطبًا آخر لتقاسم النفوذ في حضرموت”.

ويستغرب حقص من المفارقة العجيبة في المشهد: “الأغرب من هذا كله أنهم يرفعون شعارات التضامن مع حقوق المعلمين ومستحقاتهم، بينما صرفيات إنشاء وتجهيز المعسكرات تمشي بشكل طبيعي!”. وهو ما يثبت، بحسب قوله، إن الأولويات مغيبة تمامًا، وأن الهدف ليس خدمة المواطن بل تعزيز نفوذ قوى معينة على حساب المصلحة العامة.

  بازهير: تعيين مخالف للأعراف العسكرية بخفض رتبته من عقيد إلى مقدم

في مشهد يعكس حجم الفوضى والارتباك داخل ما يُسمى بقوات “حماية حضرموت”، يقول الصحافي محمد يازهير،  أصدر “القائد الأعلى” قرارًا مثيرًا للسخرية يحمل رقم (4) لعام 2025م، قضى بتعيين العقيد وهيبان حسن بركات عبدالصمد رئيسًا لشعبة الإمداد والتموين. لكن الطامة الكبرى لم تكن في التعيين بحد ذاته، بل في خفض رتبته من عقيد إلى مقدم، في مخالفة صريحة للأعراف العسكرية التي تقوم على التدرج التصاعدي في الرتب، لا العكس!

هذا العبث العسكري لم يتوقف هنا، إذ قرر “القائد الأعلى” – الذي يفتقر بوضوح لأبسط المعرفة في أنظمة الرتب – تشكيل أربعة ألوية جديدة لقوات حماية حضرموت، في خطوة وصفها بازهير ساخرا بأنها مقدمة  لـ”تحرير الوادي”، ليس عبر استراتيجية مدروسة بل عبر قرارات مرتجلة أقرب إلى المزاح الثقيل.

المفارقة أن صاحب هذه القرارات، المعروف بين أوساط الحضرميين، أمضى أكثر من أحد عشر عامًا غارقًا بين “الضرائب والميازين والصفقات”، منطويًا في ركن ديوانه بعيدًا عن أي خبرة عسكرية أو قيادية. والآن، بعد هذه السنوات، يخرج فجأة ليقدّم نفسه كصانع جيوش ومهندس معارك، بينما الواقع يثبت أن ما يفعله لا يتجاوز صناعة مليشيات خارجة عن القانون.

الأكثر خطورة أن هذه الفوضى تمرّ أمام أنظار التحالف، الذي يلتزم صمتًا مطبقًا حيالها، وكأنها لا تعنيه، رغم أن تبعاتها الأمنية والعسكرية ستنعكس حتمًا على المشهد الحضرمي والإقليمي برمّته.

وفي النهاية، ما يحدث ليس مجرد خطأ إداري أو خلل في التعيينات، بل هو مؤشّر خطير على مشروع مليشياوي يعبث بهوية حضرموت، ويقوّض أسس المؤسسية العسكرية، ويمهّد لمرحلة صراع عبثي جديدة.

اللهم إنّا بلّغنا.. اللهم فاشهد.

 حضرموت بين مؤسسات الدولة وقرارات الفوضى

إن ما يجري اليوم في حضرموت ليس مجرد خلاف داخلي، بل معركة على هوية المحافظة ومستقبلها. فإما أن تتمسك حضرموت بمؤسساتها الأمنية الرسمية وتحافظ على وحدتها واستقرارها، أو تُترك رهينة قرارات عشائرية غير محسوبة، تدفعها نحو الفوضى والتفكك، لا قدر الله.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
arArabic