أهم الاخبارتقارير وتحقيقات

تضحيات الجنوب التي صنعت الانتصار: الشهيد أبو اليمامة نموذجًا لتحوّل الألم إلى قوة

خاص – حضرموت نيوز


تُجمع القراءات الميدانية والسياسية في الجنوب على أن تضحيات الجنوبيين خلال السنوات الماضية لم تكن مجرد رد فعل أمام موجات الإرهاب والفوضى، بل كانت الشرارة التي مهّدت لانتصارات استراتيجية أعادت تشكيل الواقع الأمني والعسكري في المنطقة. ويبرز الشهيد القائد منير محمود اليافعي “أبو اليمامة” كنموذج حيّ لهذا التحول؛ فقد جسّد في حياته واستشهاده معًا القاعدة التي آمن بها أبناء الجنوب: “تضحياتنا لا تكسرنا… بل تصنع مجدنا.”

منذ بداية المواجهة مع التنظيمات الإرهابية التي سيطرت على عدن ولحج وأبين عقب 2015، كان أبو اليمامة في مقدمة الصفوف، يقود عمليات معقّدة في بيئات شديدة الخطورة. وقد تحولت تلك المواجهات إلى نقطة مفصلية في مسار الحرب على الإرهاب، حيث تمكن مع رفاقه من تطهير مساحات واسعة، وإفشال مخططات كان يُراد لها أن تبقي الجنوب في دائرة الفوضى والانهيار الأمني. ولعل أبرز إنجازاته كانت استعادة مدن ومناطق في عدن ولحج و أبين التي مثلت أحد أكبر معاقل القاعدة في اليمن.

لكن الدور الأهم لأبو اليمامة تمثّل في قدرته على تحويل الانتصارات العسكرية إلى مشروع دائم ومستمر. فقد كان من أبرز من أسسوا القوات المسلحة الجنوبية الحديثة، وأحدث نقلة نوعية من مجموعات مقاتلة متفرقة إلى قوة منظمة تمتلك رؤية وعقيدة قتالية واضحة. وأسّس “اللواء الأول دعم وإسناد” ليكون الذراع الضاربة في مواجهة الإرهاب، ورمزًا للقوة الجديدة التي كانت تبنى من الصفر.

استشهاد أبو اليمامة في عملية إرهابية غادرة عام 2019 لم يكن نهاية لمرحلة، بل بداية أخرى. فقد شكّل رحيله لحظة التقاء شعبي وعسكري غير مسبوقة، انعكست في موجة التحام واسعة بين أبناء الجنوب، وأطلقت سلسلة من التحركات التي أدت إلى تثبيت السيطرة الأمنية، وطرد جماعات الفوضى، وتوسيع نفوذ القوات الجنوبية في محافظات عدة.

ويرى متابعون أن إرث أبو اليمامة لم يقتصر على معركة مكافحة الإرهاب، بل امتد إلى تعزيز الأمن الإقليمي. فالقوات التي ساهم في تأسيسها أصبحت اليوم جزءًا أساسيًا من منظومة الحماية في الجنوب، الذي يشكل بدوره خط الدفاع الأمامي عن الخليج وباب المندب والبحر الأحمر. وبذلك، فإن التضحيات التي قدمت لم تذهب هدرًا، بل تحولت إلى مكاسب استراتيجية تمس أمن المنطقة بأسرها.

لقد أثبتت التجربة الجنوبية أن التضحيات حين تكون نابعة من مشروع وطني، فإنها تتحول إلى انتصارات راسخة. وفي هذا السياق، يظل الشهيد أبو اليمامة أحد أهم شواهد هذه الحقيقة: قائد رحل جسدًا، لكنه ترك وراءه قوة قائمة، ومشروعًا لا يزال يحمي الجنوب ويصنع مستقبله.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
arArabic