مقالات الرأي

روائح الزمان… تاتا… من يشبهك؟

بقلم: عوض سالم ربيع

تطلّ علينا بلا مطرقة…
جميل أنت يا تاتا، وأنسامك تُغذّي الروح. هي صناعة هندية لن أنسى ذكرها أنا والحبيب الوثائقي علوي بن سميط، إذ أشار — وفقًا لإحصائيات وكالة أنباء عدن، مكتب سيئون — أنه منذ أربعين عامًا، يا ربان السفينة، كان السفر على باصات النقل البري يتم بدون مطرقة للقفز السريع تفاديًا لحريق الغضب.

وإذا زادك الشوق والحنّة، اعزم وردّ رأسك قِدا سيئون. ووفقًا لإحصائيات عام 1985:

  • سيئون – المكلا – سيئون: 310 رحلات أقلّت 7618 مواطنًا.
  • سيئون – تريم – سيئون: 100,810 مواطن.
  • سيئون – شبام – سيئون: 82,692 مواطنًا.
  • الخطوط الداخلية سيئون: 47,043 مواطنًا.

لا تحسبونه “مواطن” إلا وله نخله فيها… وله تاتا.
باص اليوم المكيّف لا تجعثونه بالمطارق.

ويضيف السيد علوي بن سميط أن التاتا هو الناقل الرسمي للنقل البري.

تاتا… أنت الأصل والفصل.
لا شاشة أمام السائق تُشغله، لا “فيس”، ولا رجال تُحسبهم حرمة في الفيس يكتبون: “من يتزوجني؟”… بل شبط حنظل من العقوبيه بنصف شلن يجزّع لك الرحلة، توصل وعاد شبط الحنظل ما خلص. كل ما في الأمر كراسي عادية ككراسي المقهى.

كان التاتا هو الناقل الرسمي لموظفي الدولة بداية التسعينات بـ 300 شلن للشهر كامل في المتوسط.
كان النقل شبه مجاني… وكذلك التعليم والصحة.

تاتا… شموخ وإباء.
لا عُمِره احترق، ولا دحس حدّ، ولا تسبب في موت أحد.
لا اشتبح في عقبة عبدالله غريب، ولا اعترض قواطر الديزل بين جول العيص وبويش. قالوا: السبب في حبيبي. قالوا: أيش؟
قالوا: وديعًا وديع… حملٌ جميل جمال أيامنا التي مرت تحت سفح الجبل، صغيرًا في خضابه وحنّاه.

وسائل الراحة الحقيقية أن الصناعة محبوكة، والكلمة الأخيرة فصيحة صحيحة، والسماء ذات الحبك.
فيه ينام الموظفون وهم مستأمنون، لأن السائق ما وصل الليسن إلى دارهم… مقطّب جاهز.

تاتا… أيقونة سلامة الركاب.
“بابا… رجع لنا بالسلامة.”

تاتا… شجن من الذكريات.
حطني في عدن، وإلا في الشيخ عثمان، وعندك الخرامة داخل الباص… خرم التذكرة، تكنولوجيا حشيمة.

وسائل الراحة فيه أنك تسحب إحدى واجهاته الزجاجية لتستمتع بالهواء… جول مسحه فسيح.
سدّها واستريح.

تاتا يُعقب الراكب ولا يتعب… به الجَمال (بتشديد الميم).

وما بقي من ذكرياته اليوم هو باص الحرشيات في ريف المكلا؛ وهي ذات الذكريات… صدى السنين… التاتا.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
arArabic