سور سيئون.. شاهدٌ طيني على تاريخ المدينة العاصمة

علوي بن سميط – حضرموت نيوز
يمتد سور مدينة سيئون، الذي أُقيم حول العاصمة الكثيرية إثر توسعها وتمدد عمرانها، من حصن الفلس شرقًا حتى شمال المدينة، لينعطف غربًا إلى قرب البوابة العربية – السدة القبلية، وتحديدًا عند مسجد الحداد. وقد شُيّد هذا السور ليطوّق عاصمة السلطنة الكثيرية في أواخر عهد السلطان المنصور بن غالب الكثيري، واكتمل بناؤه في عهد السلطان علي بن منصور الكثيري في أوائل ثلاثينيات القرن الماضي.
وبعد اكتمال السور وزيادة استحكاماته، لم يكن الدخول إلى مدينة سيئون ممكنًا إلا عبر ثلاث بوابات رئيسية:
- البوابة القبلية من جهة الغرب،
- بوابة كلابه من الشرق،
- بوابة زويا من الشمال.
وهكذا أصبحت المدينة محصنة بثلاثة منافذ فقط تؤدي إلى داخلها من الاتجاهات الثلاثة: الغرب والشرق والشمال.
غير أن هذا السور لم يكن الأول من نوعه في تاريخ سيئون، بل يُعد آخر سور أُقيم حول المدينة في العصر الحديث. ويذكر المؤرخ عبدالقادر الصبان – رحمه الله – أن لسيئون سورًا قديمًا كان قائمًا قبل توسعها وتمدد عمرانها في عام 1516م.
أما السور الأخير الذي اكتمل في ثلاثينيات القرن العشرين، فقد تعرّض هو الآخر للزوال مع ازدياد عدد المنازل واتساع المدينة وتوسع مصالح السكان، حتى تجاوزت سيئون نطاقها المسوّر إلى فضاءٍ أوسع. ولم يتبقَّ من ذلك السور اليوم سوى وصلاتٍ صغيرة متفرقة، بعضها متهالك، لكنها ما زالت تحكي تاريخًا قريبًا لعاصمة دولةٍ سابقة، وحاضرةٍ لوادي حضرموت.
وقد تمددت مدينة سيئون أكثر مما كان متوقعًا، إذ وصلت عمرانًا جنوبًا حتى اقتربت من مصب وادي جثمة. وفي ذلك الحين، كانت الجبال الجنوبية بمثابة السور الكبير والطبيعي للمدينة.
أما ما تبقى من السور الأخير فيظهر اليوم كشاهدٍ صامت على الطوق الطيني الذي كان يحمي المدينة. وتبدو بقاياه واضحة باتجاه حي الفلس أو القرن، فيما يقف جزءٌ آخر من جهة الشمال – النجدية كما في الصورة الملتقطة يوم الاثنين 3 نوفمبر ظهرًا. ويمتد ما تبقى من السور من اتجاه مسجد الجفري، وهو آخر ما تبقى من الجدار الذي كان يحيط بمنطقة سحيل سيئون.
وإذا ما انهار هذا الجدار المتبقي، فسيختفي معه آخر أثرٍ من سور سيئون التاريخي. وقد نبهت هيئة الآثار بوادي حضرموت في خطابات رسمية إلى عدم المساس بما تبقى من السور، مؤكدةً أن هذا المعلم لا يمثل مجرد بناءٍ طيني، بل هو رمز حضارة وهوية إنسانية وتراثية توثق مراحل ازدهار المدينة ومكانتها التاريخية.
فـسور سيئون، رغم ما تبقى منه من أطلالٍ باهتة، يظل شاهدًا على زمنٍ مجيدٍ لمدينةٍ كانت عاصمةً لدولةٍ وواحةً في واديٍ عريق، جمعت بين التراث والعمران، وبين التاريخ والإنسان.



