مقالات الرأي

الأسد في عرّينه… كفى عبثًا بمصير حضرموت

بقلم: صبري عوض

تعيش حضرموت منذ أسابيع على وقع أخبار متتابعة حول تعيين محافظ جديد، حتى تحوّل الأمر إلى ما يشبه مسلسل الترشيحات المتكررة والتراجعات المفاجئة.

كل يوم يبرز اسم، ثم يُستبعد، ثم يُطرح بديل له، في مشهد يعكس حالة من الارتباك وعدم الحسم، بينما تظل المحافظة بأكملها تنتظر قرارًا يُعيد لها هيبتها الإدارية واتجاهها السياسي الواضح.

إن ما يحدث اليوم يذكّرنا بواقعة خالدة من التاريخ الإسلامي، حين اجتمع المسلمون في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله، عنه لاختيار قائد يقود جيش الفتح في معركة القادسية ضد الفرس.

لقد تناقش الصحابة لليالٍ طويلة، يتداولون الأسماء ويقيسون الكفاءات ويبحثون عن الرجل الذي يجمع بين الشجاعة والحكمة والإيمان، لا عن الأقرب أو الأرفع نسبًا.

وفي لحظة حسمٍ مفصلية، نهض عمر رضي الله عنه، وقال كلمته الخالدة:”الأسد في عرّينه!

ثم غادر المسجد، متجهًا إلى بيت الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص، خال رسول الله ﷺ، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، ليوليه قيادة المسلمين.

كان القرار مفاجئًا لكنه حاسم، وكانت النتيجة نصرًا عظيمًا غيّر وجه التاريخ.

اليوم، تحتاج حضرموت إلى قرار مشابه في روحه لا في زمانه، قرار يقطع دوامة الأسماء والتوازنات الضيقة، ويضع الرجل المناسب في موقع المسؤولية.

المحافظة الغنية بتاريخها وثقلها الاجتماعي والسياسي ليست ساحة للتجريب أو مجالاً لتصفية الحسابات أو اختبار الولاءات.

حضرموت بحاجة إلى قائدٍ إداريٍّ وسياسيٍّ يمتلك الرؤية والخبرة والشجاعة، ينهض بالمحافظة من واقع الانتظار والارتباك إلى مسار الفعل والإنجاز.

كفى بحثًا في أحواش الغنم، وكفى تدويرًا للأسماء بلا بوصلة.
إن حضرموت تستحق قائد أن يُقال عنه:
“الأسد في عرّينه” — رجلٌ تتوحّد حوله الكلمة، وتستقرّ في عهده الإدارة، وتتحوّل معه الآمال إلى عملٍ منظمٍ ونهضةٍ حقيقية.

فإذا أُريد لحضرموت الصلاح والعزّة، فلتُمنح القيادة لمن يملك روح الأسد لا من يكتفي بظلّه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
arArabic