مقالات الرأي

من يُقرر مصير اليمن؟

بقلم: د. أحمد بن إسحاق

تتزايد التساؤلات في الأوساط اليمنية حول سبب تأخر وصول مبلغ المليار وثلاثمائة مليون ريال سعودي، الذي أعلنت المملكة العربية السعودية تقديمه دعمًا للموازنة اليمنية. يأتي هذا التأخير في وقت تعاني فيه الحكومة من أزمة مالية خانقة، شلّت قدرتها على دفع مرتبات الموظفين وتشغيل الخدمات الأساسية للمواطنين.
في المقابل، يواصل أعضاء المجلس الرئاسي عرقلة أبسط الإصلاحات المالية والإدارية، وأهمها توحيد الإيرادات السيادية وتوريدها إلى الحساب المخصص في البنك المركزي. ورغم أن هذا الإجراء كان كفيلاً بفتح الباب أمام أي دعم خارجي بشفافية وفعالية، إلا أن المصالح الشخصية وصراعات الولاءات تستمر في السيطرة على مفاصل القرار، مما يضعف مؤسسات الدولة ويزيد من معاناة الشعب.
وبينما تستمر الأزمة الداخلية التي تنهك الموازنة، تُعقد في سلطنة عمان محادثات وُصفت بأنها “محادثات سلام يمنية”. إلا أن المفارقة تكمن في أن هذه المفاوضات تتم بين قوى محلية وأجنبية، في غياب شبه تام لممثلي الشعب اليمني الحقيقيين. وكأن مستقبل اليمن يُرسم في الخارج، فيما يُهمّش أبناؤه، ما يثير تساؤلاً مشروعًا:
هل بات القرار يُصنع بمنأى عن أصحاب الحق في اتخاذه؟
هذا المشهد اليمني ليس بعيدًا عن واقع الحال في مناطق أخرى من العالم، حيث يتفاوض رئيس سابق لدولة عظمى باسم شعب آخر، بينما يكتفي رئيس ذلك الشعب المنتخب بدور المتفرج.
فهل أصبح هذا هو مصير الشعوب الممزقة؟ أن تُدار مصائرها من الخارج، وتُتخذ القرارات نيابة عنها… لا لها؟
إنها أسئلة تتجاوز الأزمة المالية والسياسية، لتمتد إلى أزمة أعمق وأخطر: أزمة التمثيل والشرعية والإرادة الوطنية المغيّبة. إنها أزمة تُجرّد الشعب اليمني من حقه الأصيل في تقرير مصيره، وتضع البلاد أمام معضلة وجودية:
من يملك حق القرار؟ ومن يُقصى من رسم المشهد؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
arArabic