عدن تتوحّد لإنقاذ البيئة: انطلاقة شبكة “أصوات عدن الخضراء” برؤية استدامة شاملة

عدن – حضرموت نيوز
شهدت العاصمة عدن، أمس الخميس، إشهار شبكة “أصوات عدن الخضراء” (Aden Green Voices – AGV)، وهو تحالف مدني وإعلامي أُطلق ضمن مشروع “أصوات عدن”. وتنفذ المشروع مؤسسة الصحافة الإنسانية بالشراكة مع منظمة سيفرورلد وبتمويل من الاتحاد الأوروبي، وبالتنسيق مع الهيئة العامة لحماية البيئة – فرع عدن. وقد أكد هذا الحدث إجماعًا غير مسبوق من الجهات الرسمية والأكاديمية والمجتمع المدني على ضرورة وضع قضايا البيئة والمناخ في صلب أجندة العمل الوطني.
تهدف شبكة “أصوات عدن الخضراء” إلى تمكين المجتمع المدني والشباب لقيادة العمل المناخي والبيئي وتعزيز جهود حماية الأراضي الرطبة الخمس في عدن، والتي تعتبر من أهم المشاريع البيئية والبيولوجية للمدينة، حيث تعمل هذه الأراضي كـدرع طبيعي يحمي من الفيضانات والتغيرات المناخية ويحافظ على التنوع الحيوي. تسعى الشبكة إلى ترسيم حدود هذه المحميات بشكل قانوني، عبر استصدار قرار جمهوري لتوفير الإطار القانوني اللازم، وذلك للحد من التعديات والأنشطة العشوائية التي تهدد مدينة عدن.
“الصحافة الإنسانية”: البيئة جوهر الوجود
تلا ذلك حديث رئيس مؤسسة الصحافة الإنسانية، بسام القاضي، الذي اعتبر تدشين الشبكة بمثابة “شهادة ميلاد لكيان بيئي مدني جديد” يعيد توجيه البوصلة نحو جوهر الحياة. وأكد القاضي أن “العمل البيئي لم يعد ترفاً فكرياً أو نشاطاً هامشياً، بل أصبح جوهر الوجود الإنساني ذاته”.
وأوضح أن تدهور البيئة ليس سوى تدهور لصحة الإنسان وكرامته وحقه في العيش الكريم، مشددًا على أن “الصحافة الإنسانية هي الجسر الذي يصل بين الإنسان والبيئة”، وهي الأداة الأصدق لنقل أنين الطبيعة. وأكد القاضي أن الشبكة الجديدة هي ثمرة إيمان بأن التغيير يصنعه “العمل الجماعي المؤسسي”، وهي تأتي لتوحيد جهود الصحفيين والناشطين والخبراء لتشكل “صوتًا بيئيًا موحدًا” و”ضميرًا مدنيًا حيًا” قادرًا على رصد الانتهاكات وممارسة المناصرة الواعية.
ودعا إلى تجاوز التحديات العميقة في عدن، مشددًا على أن الإرادة حين تتوحد تصبح أقوى من كل العوائق، وأن الشبكة ستمثل نقطة التقاء بين المؤسسات الرسمية والمنظمات الدولية لبدء “مرحلة جديدة من العمل البيئي القائم على الرصد والمناصرة والتوعية، لا على ردود الفعل”.
“حماية البيئة”: الشبكة ذراعنا المجتمعي
بعد الكلمات الأكاديمية، قدم المهندس نيازي مصطفى محمود، من الهيئة العامة لحماية البيئة فرع عدن، كلمته التي أكد فيها أن إشهار الشبكة يمثل “نقطة تحوّل محورية” في مسيرة العمل البيئي. وشدد على أن القضية البيئية لم تعد قضية رسمية تُحل “بقرار من مكتب”، بل هي “قضية مجتمعية تُحل بوعي من كل مواطن”.
وأوضح أن اسم الشبكة يعكس رؤية متكاملة.
ووجه المهندس نيازي رسالة واضحة باسم الهيئة مفادها أن التحديات البيئية في عدن كبيرة، لكن “التزامنا أكبر، وشراكتنا أقوى”.
وأعلن عن دعم الهيئة الكامل للشبكة، مؤكداً: “نحن هنا لدعمكم، لتمكينكم، ولتوفير المظلة الفنية والقانونية لجهودكم الميدانية. الشبكة هي ذراعنا المجتمعي”. واختتم بالدعوة إلى تحويل الشغف إلى “خطة عمل على الأرض”.
“الشؤون الاجتماعية”: البيئة مسؤولية اجتماعية
بعد ذلك، ألقى الدكتور محمد حمود، مدير عام مكتب الشؤون الاجتماعية والعمل، كلمة أكد فيها أن قضية البيئة ليست مجرد قضايا تخصصية، بل هي “في صميم مسؤوليتنا الاجتماعية”، مشددًا على أن أي تلوث أو تدهور بيئي “يرتدّ مباشرة ليؤثر على صحة الإنسان، وعلى فرص عمله، وعلى استقراره المجتمعي”.
ورحب الدكتور حمود بإشهار الشبكة بشكل حار، معلناً تشرف المكتب بتقديم “المظلة الرسمية لهذه الانطلاقة”، ومؤكداً أن هذا الإشهار لم يكن إجراءً روتينياً بل “اعتراف رسمي بقوة العمل المجتمعي المنظم في خدمة عدن”. وأشار إلى أن أهمية الشراكة مع الشبكة تكمن في كونها تمثل “تمكينًا للشباب”، و”مساهمة في التماسك المجتمعي” من خلال العمل المشترك.
ودعا جميع الهيئات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني إلى مدّ يد العون لهذه الأصوات الخضراء، مؤكداً أن “الاستثمار في البيئة هو استثمار في الإنسان، وفي مستقبل أجياله”.
“سيفرورلد”: التمكين المحلي أساس السلام
ثم جاءت كلمة ممثل منظمة سيفرورلد، الأستاذ أكرم عادل، ضابط المشروع. أكد عادل أن تدشين الشبكة يجسد فلسفة المنظمة التي تؤمن بأن السلام والاستقرار لا يُبنيان من الأعلى، بل عبر “التمكين الحقيقي للشركاء المحليين من خلال شراكات عادلة ومرنة”.
وأوضح أن المشروع يأتي ضمن إطار مشروع “تكامل” الهادف إلى جعل منظمات المجتمع المدني قادة للتغيير، مشيراً إلى أن دور المنظمة هو “تعزيز القدرات وبناء الشراكات” لضمان قيادة المجتمع المدني للعمل البيئي بشكل مستدام.
وشدد عادل على أن مشروع “أصوات عدن الخضراء” يمثل نموذجاً للعمل المشترك الفعّال، حيث يمنح الأصوات المحلية قيادة القضايا البيئية، بينما يقوم الإعلام الإنساني بتعزيز قدرتها على الوصول إلى صناع القرار.
“نقابة الصحفيين”: الشبكة ضرورة لوقف العبث
تلا ذلك كلمة نقيب الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين، عيدروس باحشوان، الذي أكد أن الشبكة تمثل ضرورة لوقف “العبث في المدينة”، مشددًا على أن العمل الآن يجب أن يرتكز على دور الصحفيين والإعلاميين كـ “صوت” لعدن. وأشار إلى أن عدن تعرضت “للظلم لفترات طويلة” وأن “الفعل كان مدمراً”، مذكراً بالتدهور الذي لحق بأكبر محمية طبيعية.
ورحب النقيب بالتحالف المدني، مؤكداً أن النقابة جاهزة لتقديم “كل طاقاتها ومقرنا مفتوح للشبكة ولكل الجهود” التي تهدف لحماية عدن. ودعا النقيب باحشوان إلى ضرورة أن يعمل الإعلاميون كمؤثرين في المجتمع لـ “خلق الوعي” اللازم لمواجهة “التغير المناخي الحاصل”، ولرصد الأضرار الناتجة عن الكوارث و”سلوكيات مجتمعية عشوائية” نابعة عن قلة الوعي وسوء التصرف، واعداً بالعمل مع الشبكة لتكون نقطة انطلاق لـ “مشاريع تخرج ومشاريع نوعية” في مجال الصحافة البيئية.
“كلية الإعلام”: نقطة نور تشع بالإرادة
ثم قدم الدكتور وهيب عزيبان (عميد كلية الإعلام جامعة عدن) كلمة رحب فيها بانطلاق الشبكة، واصفاً إياها بأنها “نقطة نور تشع منها الإرادة الجماعية”. وأكد أن هذه المبادرة، التي تجمع وعي المجتمع المدني وهمة الشباب، تمثل “صدى الأرض وصوت الإنسان الحريص”.
وشدد على أن تقدّم أي مدينة يبدأ من قدرة أهلها على “جعل قضايا البيئة في صلب النقاش وصناعة القرار”. وأكد أن توحيد الطاقات المحلية يمهد الطريق لخطوات عملية ترسخ الحماية المستدامة.
بعده، ألقت البروفيسورة ندى السيد حسن “أستاذة علوم الحياة والبيئة في جامعة عدن” كلمة الأكاديميين، أكدت فيها على الدور الحيوي للجامعات في بناء الوعي البيئي، معبّرةً عن صدمتها من تدني معرفة الطلاب بمفهوم الأراضي الرطبة وأهميتها.
وشددت على أن المحميات يتم التعامل معها على أنها مجرد “متنزهات”، مشيرة إلى أن غياب الوعي يخلق “تأثيراً سلبياً” خطيراً يهدد البيئة. وطالبت البروفيسورة الشبكة بالتركيز على الاستدامة، محذرة من أن النشاط المناخي “يحتاج أن يكون نشاطاً مستداماً على طول، وليس فترة محددة” تنتهي بانتهاء الدعم.
خطة عمل الشبكة والرؤية المستقبلية
شهد حفل التدشين حضورًا نوعيًا ومرموقًا، كان في مقدمتهم المهندس كتبي عمر كتبي (مستشار محافظ العاصمة عدن)، والدكتور محمد حمود، والمهندس نيازي مصطفى محمود، وغيرهم من الخبراء وممثلي المنظمات. افتُتح المؤتمر بفقرة الترحيب والمقدمة التي قدمتها الإعلامية أفراح قائد، حيث رحبت بالحاضرين وقالت: “أهلاً وسهلاً بكم أيها الكرام، في هذه اللحظة التأسيسية التي تُعلن انطلاقة فجر أخضر جديد لعدن! هدفنا المشترك هو تحويل رؤية عدن المستدامة إلى واقع ملموس”.
في ختام المؤتمر، تم استعراض الرؤية والتوجهات العملية للشبكة. حيث قدمت الأستاذة فاطمة محمد عرض “بروفايل الشبكة” لتوضيح الرؤية والهيكل وخارطة الطريق. تلا ذلك تقديم الدكتور جمال باوزير “ميثاق الشرف” للشبكة لضمان الشفافية والمصداقية. ثم دعت المقدمة لقراءة البيان الصحفي الذي لخص أهداف الشبكة، وقدمه الأستاذ عبدالباسط الجابري.
شهد اختتام المؤتمر الإعلان عن خطة عمل شبكة “أصوات عدن الخضراء” التي ترتكز على أربعة محاور أساسية لضمان الاستدامة. في محور المناصرة وصناعة القرار، تعتزم الشبكة العمل بشكل مباشر مع الجهات الحكومية لعقد لقاءات تهدف إلى دمج القضايا البيئية في الأجندات الرسمية، كما تخطط لإطلاق عريضة توقيعات عبر منصة “صوت غرينبيس” لحشد الدعم الشعبي اللازم. وبالتوازي، يهدف محور التوعية المجتمعية والأكاديمية إلى بناء الوعي لدى الشباب من خلال تنظيم ندوات تستهدف جامعتي عدن والمدارس الثانوية، بالإضافة إلى إطلاق حملة إعلامية واسعة النطاق للتعريف بالأهمية الحيوية للأراضي الرطبة في المدينة.
وفيما يتعلق بالعمل الميداني والدولي، يركز محور الرصد والحماية الدولية على تنظيم جولات ميدانية لتوثيق واقع الأراضي الرطبة الخمس ورصد أي انتهاكات أو تدهور قد يلحق بها. ويتمثل الهدف الأبرز لهذا المحور في مساعدة الهيئة العامة لحماية البيئة على إعداد الملف اللازم لتقديمه إلى “اتفاقية رامسار” لضمان الدعم والحماية الدولية لهذه المواقع الطبيعية. أما المحور الرابع، وهو التمكين المؤسسي للمجتمع المدني، فيسعى إلى إعداد إطار موضوعي لتكتلات منظمات المجتمع المدني، مما يضمن تنسيق وتوحيد الجهود المدنية الفاعلة في مجالي المناخ والبيئة.
“الصحافة الإنسانية”: الريادة المناخية
تعتبر مؤسسة الصحافة الإنسانية، وهي الجهة المنفذة لمشروع “أصوات عدن” الذي انبثقت عنه الشبكة، منظمة مجتمع مدني متخصصة في توظيف الأدوات الإعلامية لدعم القضايا الإنسانية والتنموية في اليمن. وتؤمن المؤسسة بأن الصحافة جسر للوصول إلى حقوق الإنسان الأساسية، بما فيها الحق في بيئة سليمة، وهو ما أكده رئيسها بسام القاضي بأن “الصحافة الإنسانية هي الجسر الذي يصل بين الإنسان والبيئة”، مما يوضح موقع الشبكة الجديدة في استراتيجيتها لتكون “الأداة الأصدق لنقل أنين الطبيعة”.
للمزيد من الصور..
https://www.facebook.com/share/p/1HGdX1n1Kf/



