أخبار الجالياتأهم الاخبار

افتتاح المركز الثقافي اليمني في نيويورك بمشاركة حضرمية مميزة

خاص – حضرموت نيوز 

في أمسيةٍ غمرها الفخر والحنين، ووسط حضورٍ بهيّ من الأدباء والمثقفين والفنانين والنخب اليمنية والعربية والأمريكية، شهدت مدينة نيويورك مساء اليوم حفل افتتاح المركز الثقافي اليمني، في فعالية احتفالية مهيبة عكست غنى التراث اليمني وعمق الحضور الثقافي للجالية اليمنية في المهجر. وقد شكّل هذا الافتتاح حدثًا نوعيًا وصفه الحاضرون بأنه خطوة تاريخية في مسيرة الهوية اليمنية خارج الوطن، وميلادًا جديدًا لمنارة ثقافية تنبعث من قلب الاغتراب لتُعيد للثقافة اليمنية صوتها المتجدّد في قلب العالم.

وأكد الشاب الحضرمي المهاجر محمد بن حمدين، أن تأسيس المركز جاء، كمشروعٍ طموح يؤمن بأن الثقافة ليست ترفًا أو ترفيهًا عابرًا، بل هي جوهر الوجود الإنساني وذاكرة الوطن في زمن تغيب فيه البوصلة وتتشظى الهويات.

وقد أطلق هذه المبادرة الوطنية رجل الأعمال الأستاذ لبّيب ناشر (Labib Nasher)، الذي حمل على عاتقه فكرة تحويل الحلم إلى واقعٍ ملموس، إيمانًا منه بأن الأمة اليمنية التي أنجبت الشعراء والأدباء والفنانين والمبدعين، تستحق أن يكون لها بيتٌ ثقافي يجمع أبناءها ومبدعيها في الولايات المتحدة الأمريكية تحت سقفٍ واحد.

وفي كلمته خلال حفل الافتتاح، عبّر الأستاذ لبّيب ناشر عن سعادته البالغة بتحقيق هذا المشروع الثقافي الذي وصفه بـ”البيت اليمني المفتوح لكل المبدعين”، مؤكدًا أن المركز لن يكون مجرد قاعة للفعاليات، بل منصة متكاملة لنشر الأدب والفن والتراث اليمني وتعزيز الحضور الثقافي لليمنيين في أمريكا. وأضاف:

“هذا المركز هو رسالة حب ووفاء لليمن، وطن الحضارة والتاريخ، وهو جسر يصل بين الأجيال اليمنية في المهجر ووطنهم الأم، ليتعلموا أن الثقافة ليست تراكماً من الكتب، بل امتدادٌ للمعرفة من جيلٍ إلى آخر.”

وشهد الحفل حضورًا لافتًا لرموز الجالية اليمنية والعربية، إلى جانب عدد من الأدباء والفنانين والنقاد الأمريكيين المهتمين بالثقافات العالمية. وتخلل الفعالية فقرات فنية وغنائية مستوحاة من التراث اليمني الأصيل، وعروض راقصة تمثل التنوع الثقافي والجغرافي لليمن، من السواحل إلى الجبال، ومن تهامة إلى حضرموت. كما أقيم معرضٌ تشكيليٌّ مميز شارك فيه عدد من الفنانين اليمنيين المقيمين في الولايات المتحدة وخارجها، عرضوا خلاله لوحاتٍ تنبض بالألوان والرموز المستوحاة من الموروث اليمني والحياة اليومية في المدن والقرى القديمة.

وقد تخللت الأمسية كلماتٌ مؤثرة أكدت أهمية هذا الإنجاز ودوره في تعزيز حضور اليمن ثقافيًا على الساحة الدولية، خصوصًا في لحظة تاريخية تتزامن مع إعلان يوم التراث اليمني الأمريكي يومًا رسميًا في تقويم ولاية نيويورك، في العاصمة “ألباني”، في اعترافٍ رسمي بدور الجالية اليمنية ومساهماتها الفاعلة في المجتمع الأمريكي. واعتبر الحاضرون هذا التزامن الرمزي بين الحدثين تأكيدًا على أن الثقافة اليمنية باتت تمتلك اليوم نافذة مشرعة نحو العالم، وأن المهاجرين اليمنيين لا يحملون وطنهم في جوازات سفرهم فحسب، بل في كتبهم وفنونهم وذاكرتهم الجمعية التي لا تموت.

وفي كلمةٍ ألقاها أحد المشاركين في إعداد الوثائق التأسيسية للمركز، أشار إلى أن هذا المشروع لم يأتِ من فراغ، بل هو امتدادٌ لإيمانٍ متجذّر بأن الثقافة هي الطريق الأسمى لبقاء الأمم، مستشهدًا بما قاله الشاعر العدني الكبير لطفي جعفر أمان:

“بالكلمة تُقام الثورة، وبالقصيدة يُبنى الوعي.”

كما استُحضر قول الراحل غازي القصيبي:

“لا يجب أن يتخلى الإنسان عن موهبته، لأنها وحدها تضمن له الخلود. فإن قدّر لي أن يذكرني التاريخ، فلا أتمنى أن يذكرني كوزير أو سفير، بل ككاتبٍ وشاعر.”

هذه الإشارات الأدبية شكلت خلفية فلسفية للحدث، لتؤكد أن المركز الثقافي اليمني في نيويورك لا يهدف فقط إلى الاحتفاء بالماضي، بل إلى استشراف المستقبل، حيث تتحول الثقافة إلى قوةٍ ناعمة قادرة على بناء الجسور وإحياء الأمل في نفوس الأجيال الجديدة.

ومع هذا الافتتاح، رفع اليمنيون في نيويورك رايتهم الثقافية كمن يرفع ذاكرة وطنه نحو الأفق، ليقولوا للعالم: إن اليمن ليس وطنًا جريحًا، بل هوية عصيّة على الانكسار، تنسج بالأدب ما عجزت عنه السياسة بالسلاح. فبين جدران هذا المركز الجديد، ستتلاقى القصيدة مع اللوحة، والنغم مع الحرف، في مشهدٍ يجسد وحدة اليمنيين عبر الفن والمعرفة والجمال.

ويُتوقع أن يضطلع المركز خلال الفترة المقبلة بعدد من الأنشطة النوعية، تشمل إطلاق برامج للتبادل الثقافي والفني، وتنظيم معارض دورية وندوات أدبية، وإقامة ورش تدريبية في مجالات الفنون البصرية والسينما والموسيقى، إلى جانب مبادرات تستهدف تعريف الأجيال اليمنية الناشئة في المهجر بجذورها الحضارية والتاريخية. كما يخطط المركز لعقد شراكات مع مؤسسات ثقافية أمريكية ودولية لتعزيز الحوار الثقافي بين الشعوب.

وبهذا الإنجاز، تدخل الجالية اليمنية في الولايات المتحدة مرحلة جديدة من الوعي الثقافي، مرحلة عنوانها: “نحن لا نحمل اليمن في أوراقنا الرسمية، بل في أرواحنا، في فنوننا، وفي ذاكرتنا الثقافية التي لا تموت.”

للاطلاع على الصور الإضافية من حفل الافتتاح:
اضغط هنا لمشاهدة الصور

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
arArabic