رسائل العرض العسكري الأخير لحلف قبائل بن حبريش في الهضبة

المكلا – حضرموت نيوز
تعيش الهضبة في حضرموت واحدة من أكثر مراحلها اضطرابًا منذ تلغيمها من حلف قبائل بن حبريش، بالشعارات عن حقوق حضرموت وقرارها، بعدما بدأت ملامح التفكك والارتباك تضرب مشروع الحلف السياسي والعسكري، وسط غياب كامل للمظلة السعودية التي شكّلت طوال الأشهر الماضية ركيزة دعم إعلامية استند الحلف على ارثها.
انحسار الدعم وتآكل الشرعية
يرى مراقبون أن الخطابات الأخيرة للشيخ عمرو بن حبريش كشفت بوضوح عن فقدان الحلف غطاءه الإقليمي، بعد أن خلت تمامًا من أي ذكر للمملكة العربية السعودية، بما في ذلك خطابه أمس في حفل تخرج قواته معسكراته اللا شرعية، في تحول اعتبره المراقبون نقطة تراجع جوهرية في علاقة الحلف بمن كان يتباهى بأنهم ابرز داعميه ظاهريا.
هكذا بدأت تضيق دائرة الشرعية السياسية حول الحلف الذي أصبح يعتمد على أدوات ميدانية محدودة ومحاولات رمزية لإظهار الوجود.
أزمة مالية خانقة
بالتوازي، تعصف أزمة مالية حادة بقيادة الهضبة، إذ تواجه صعوبة في دفع رواتب عناصرها في ما يُعرف بـ”قوات حماية حضرموت”، ما اضطرها إلى صرف إكراميات غير منتظمة من عائدات الجبايات. هذه الأزمة كشفت عمق التراجع في قدرات الحلف التنظيمية والاقتصادية، بعدما فشلت محاولاته في الحصول على دعم خارجي أو موارد ثابتة.
استعراضات باهتة ومحاولات بقاء
وفي محاولة لإظهار التماسك، قدّم الحلف ما وصفه مراقبون بـ”العرض الأخير”، عبر تنظيم دعائي لتخريج دفعة من مقاتليه في الهضبة.
العرض التي جرى إعداده بأسلوب سينمائي، سعى لإظهار الحلف كقوة عسكرية صاعدة، لكنها بدت أشبه بمحاولة يائسة لتلميع صورة مشروع يواجه انهيارًا سياسيًا ومعنويًا، بعد فشلهم في ابتزاز السلطة المحلية بصفقة تقاسم إيرادات المشتقات النفطية.
مصادر قريبة من الحلف أكدت أن العرض هدف إلى “إثبات أن حضرموت رقم صعب”، غير أن مراقبين اعتبروه رسالة تضليلية، للتغطية على أطماع السيطرة على الامتيازات النفطية وعائدات الوقود التي أُحبِطت بفعل الرفض الشعبي والمجتمعي الواسع.
غياب الرمزية وانكشاف التناقض
في مفارقة رمزية لافتة، غاب علم حضرموت (السيسبان) عن العرض العسكري للحلف بالأمس، رغم أنه يُعتبر رمزًا أساسيًا للمشروع الحضرمي الذي يدّعي الحلف تمثيله.
ويرى محللون أن هذا الغياب وجّه ضربة رمزية قاسية للحلف، وأظهر حالة الانقسام العميق داخل صفوفه، إذ تعمدت القيادة تجاهل العلم الذي اعتمدته بنفسها في “يوم العلم الحضرمي” مطلع أكتوبر الجاري، مما يعكس تناقضًا صارخًا بين الخطاب والواقع.
رفض شعبي واتجاه نحو الدولة
أبناء حضرموت، وفق ما تؤكده المؤشرات الميدانية، باتوا أكثر تمسكًا بمطالب الاستقرار ورفض المشاريع المسلحة الخارجة عن مؤسسات الدولة، خشية الانجرار إلى الفوضى.
وتشير المصادر المحلية إلى أن النقاط الأهلية والمجتمعات في مناطق الامتياز النفطي تتصدى بقوة لأي صفقات مشبوهة لتقاسم العائدات أو الالتفاف على الثروات الوطنية.
خلاصة المشهد
يؤكد المراقبون أن حلف قبائل بن حبريش يقف اليوم أمام مفترق طرق حاسم؛ فإما الاندماج في إطار الدولة ومؤسساتها، أو مواجهة انهيار تدريجي عنوانه فقدان الشرعية، والعزلة القبلية، وتآكل الموارد.
ومع غياب المظلة السعودية وتراجع الحاضنة الشعبية، يبدو أن ما تبقى من الحلف يعيش مرحلة ما قبل السقوط — محاولة أخيرة للبقاء في مشهد لم يعد يحتمل المشاريع المتناقضة ولا التمردات المقنّعة بعباءة القبيلة.



